الاَسمائية وملابسه الفعلية الكونية المسماة بالحروف والكلمات والآيات ، المعبر عنها بالموجودات العلوية والسفلية والمخلوقات الروحانية والجسمانية على الاِطلاق والتعيين تجلياً شهودياً عيانياً ، لاَنه ليس في الوجود سوى الله وصفاته وأسمائه وأفعاله ، فالكل هو وبه ومنه وإليه.
ومن طالع الكتاب الاَنفسي الصغير الاِنساني وطبقه بالكتاب الآفاقي تجلى له الحق تعالى في الصورة الاِنسانية الكاملة والنشأة الحقيقية الجامعة ، تجلياً ذاتياً شهودياً عيانياً بحسب ما يشاهده في كل عين من حروفه وكلماته وآياته ، المعبر عنها بالقوى والاَعضاء والجوارح.
فكل من طالع كتابه الخاص به وشاهد نفسه المجردة وبساطتها وجوهريتها ووحدتها وبقاءها ودوامها وإحاطتها بعالمها ، عرف الحق وشاهده وعرف أنه محيط بالاَشياء وصورها ومعانيها عاليها وسافلها شريفها وخسيسها ، مع تجرده ووحدته وتنزهه وبقائه ودوامه من غير تغير في ذاته وحقيقته.
قالوا : وكذلك الحق إذا أراد أن يشاهد نفسه في المرآة الكاملة الذاتية الجامعة يشاهدها في الاِنسان الكامل بالفعل ، وفي غير الكامل بالقوة لاَنه مظهر الذات الجامعة لا غير .... ومن هذا قيل : أراد الله أن يظهر ذاته الجامعة في صورة جامعة فأظهرها في صورة الاِنسان ، وأراد أن يظهر الاَسماء والصفات والاَفعال في صورة كاملة مفصلة فأظهرها في صورة العالم.
أقول : في هذا التقسيم لكتب الكون تأملات فكرية وروحية مفيدة ، ولا شك في صحة القول بأن الله تعالى قد تجلى بخلقه بمعنى من معاني التجلي ، ولكن قولهم بأنه تعالى خلق الاِنسان ليكون مظهراً تتجلى به ذاته ، وخلق الكون ليكون مظهراً لاَسمائه ، كلام جميل لو وجد عليه دليل. وإلا فمن أين للعرفاني والفيلسوف أن يعرف لماذا خلق الله هذا المخلوق أو ذاك؟ إن الدليل على ذلك منحصر بإخباره تعالى عن أهدافه عن طريق أنبيائه وأوصيائهم ، وما ربما يجزم به العقل .. وما سوى ذلك فهو ظنون من عقولنا واحتمالات ، لا يمكننا أن ننسبها إلى الله تعالى!