دليل العقل : إن حاسة الرؤية إذا كانت سليمة ولم يمنع مانع من الرؤية من ظلام أو إضاءة زائدة أو بعد أو قرب ملاصق للعين ، فعندما توجد شروط الرؤية المذكورة تستطيع العين رؤية الموجودات. والله سبحانه وتعالى موجود ولم نره ، ولا يصح لنا أن نراه ، لاَن المرئي يجب أن يكون جسماً يرى ، وله لون ، وفي جهة من الجهات ، والله سبحانه وتعالى ليس كذلك ، فعظمته سبحانه في خفائه بدليل أن أعظم سر نبحث عنه هو الحياة والروح والعقل والتفكير والتمييز والفرح والحزن ونحو ذلك مما لا نقدر على وضع اليد عليه مع علمنا بوجوده ، فالكائنات الحية معجزة في تكوينها.ولكن الروح التي لا ندركها معجزة أكبر ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) فكيف يرى الله والروح بعض أسراره؟
وكيف يخفى والشمس بعض آياته؟!
نراه سبحانه بعيون التصديق والاِيمان في آياته الباهرة وآثاره الظاهرة ، نراه بالبصائر لا بالاَبصار.
ومن زعم أنه يرى في الآخرة فقد استدل بقوله سبحانه ( إلى ربها ناظرة ) وهي مؤولة بحذف مضاف والتقدير إلى رحمة ربها ناظرة لاَنها مقابلة للآية التي بعدها (تظن أن يفعل بها فاقرة ) والمقابلة تقتضي ذلك فوجوه منتظرة لرحمة الله ، ووجوه تتوقع غضبه ونقمته.
ومن جهة ثانية : فقد ورد ناظر بمعنى منتظر كما في قوله سبحانه ( ما ينظرون إلا صيحة ) والصيحة لا تنظر بالعين وإنما تنتظر. وكذلك قوله تعالى ـ حكاية عن بلقيس ـ ( فناظرة بم يرجع المرسلون ). والدليل إذا طرقه الاِحتمال بطل الاِستدلال به.
كما أن أهل البيت عليهمالسلام مجمعون على عدم تجويز رؤية الله ، وإجماعهم حجة ، كما قال ابن تيمية وغيره ، والاَحاديث الواردة في هذا الشأن تعرض على القرآن ، والقرآن ينفي عن الله الرؤية لاَنها تقتضي التشبيه.
فالحديث الذي يقول ( إنكم ترون ربكم كالقمر ) يؤدي إلى تشبيه الله بخلقه