وقد أشار أمير المؤمنين عليهالسلامإلى هذا الوجه في الخبر السابق. وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن زرعة عن عبد الله : ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رأى جبرئيل عليهالسلامله ستمائة جناح. وروى أيضاً بإسناده عن أبي هريرة : ولقد رآه نزلة أخرى قال : رأى جبرئيل عليهالسلامبصورته التي له في الخلقة الاَصلية.
الثاني : ما ذكره عليهالسلامفي هذا الخبر ، وهو قريب من الاَول لكنه أعم منه.
الثالث : أن يكون ضمير الرؤية راجعاً إلى الفؤاد ، فعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الله تعالى أيضاً لافساد فيه.
الرابع : أن يكون على تقدير ارجاع الضمير إليه عليهالسلاموكون المرئي هو الله تعالى والمراد بالرؤية غاية مرتبة المعرفة ونهاية الاِنكشاف.
وأما استدلاله عليهالسلامبقوله تعالى : ليس كمثله شيء ، فهو إما لاَن الرؤية تستلزم الجهة والمكان وكونه جسماً أو جسمانياً ، أو لاَن الصورة التي تحصل منه في المدركة تشبهه.
قوله عليهالسلام : حيث قال ، أي أولاً قبل هذه الآية ، وإنما ذكر عليهالسلامذلك لبيان أن المرئي قبل هذه الآية غير مفسر أيضاً ، بل إنما يفسره ما سيأتي بعدها.
قوله عليهالسلام : وما أجمع المسلمون عليه ، أي اتفق المسلمون على حقية مدلول ما في الكتاب مجملاً. والحاصل أن الكتاب قطعي السند متفق عليه بين جميع الفرق فلا تعارضه الاَخبار المختلفة المتخالفة التي تفردتم بروايتها.
ثم اعلم أنه عليهالسلامأشار في هذا الخبر إلى دقيقة غفل عنها الاَكثر وهي أن الاَشاعرة وافقونا في أن كنهه تعالى يستحيل أن يتمثل في قوة عقلية ، حتى أن المحقق الدواني نسبه إلى الاَشاعرة موهماً اتفاقهم عليه وجوزوا ارتسامه وتمثله في قوة جسمانية ، وتجويز إدراك القوة الجسمانية لها دون العقلية بعيد عن العقل مستغرب ، فأشار عليهالسلامإلى أن كل ما ينفي العلم بكنهه تعالى من السمع ينفي الرؤية أيضاً ، فإن الكلام ليس في رؤية عرض من أعراضه تعالى ، بل في رؤية ذاته وهو نوع من العلم بكنهه تعالى.