وممّا ينبّه أنّ الظاهر أنّ السائل سأل عن حكم الموضع القذر اليابس من غير الشمس مطلقا ، فأجيب بالمنع عن الصلاة ولزوم غسله ، ثم سأل عن حكمه ما إذا أشرقت عليه الشمس ، وأنّه هل يكون ذلك سببا لطهارته أم لا؟ فأجيب بأنّ الإشراق إذا صار بحيث جفّ به الموضع جاز الصلاة عليه ولا حاجة إلى غسله ، كما هو الظاهر من سكوته عنه في هذه الصورة ، إذ لو كان باقيا على النجاسة كان الغسل أولى بالذكر فيها منه في الصورة الأولى ، لأنّ توهم الطهارة في هذه الصورة في غاية الشدّة ، بل لا يفهم الراوي فيها إلاّ الطهارة ، من حيث إنّ جواز الصلاة فيها بإزاء عدم جوازها في الصورة الاولى ، ولا خفاء في أنّه فهم منه بقاء النجاسة ، كما أنّه فهم منه في الصورتين الأخيرتين أيضا كذلك ، لسكوته عن الغسل فيها بإزاء إيجابه في الصورة الأولى ، وسكوته في الصورتين من جهة أنّه علم أنّ البقاء على النجاسة يقتضي الغسل لو أريد الطهارة ، مضافا إلى عدم خفائه في نفسه.
فإن قلت : الأمر على ما ذكرت لو لم يكن الإشعار ببقاء النجاسة في آخر الرواية.
قلت : أولا : أنّه خلاف ما ذكرت.
وثانيا : لو سلّم الاشعار لا بدّ من عدم اعتباره ، لما ذكرنا ، ولمخالفته الإجماع الذي نقله جمع من الأصحاب في اشتراط طهارة المسجد (١) ، ( مضافا إلى ظهور ذلك من غير واحد من الأخبار ) (٢) ولم يظهر من الراوندي وشريكه المخالفة ، بل الظاهر منهم اعتبار طهارته ، إلاّ أنّهم يقولون بأنّ الأرض والبارية والحصير حسب إذا جفّفت بالشمس لا غيرها
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥ ، المعتبر ١ : ٤٣٣ ، المختلف ٢ : ١٣٠.
(٢) ما بين القوسين ليس في « أ ».