بقوله تعالى كما في الخبر : (هلا تعلمت) فيقيد بها أخبار البراءة ، لقوة ظهورها في أن المؤاخذة والاحتجاج بترك التعلم فيما لم يعلم ، لا بترك العمل فيما
______________________________________________________
الشيخ ، قال : حدثنا محمد بن محمد (المفيد قدسسره) عن أبي القاسم جعفر بن محمد (يعني جعفر بن محمد بن قولويه) قال : حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهالسلام وقد سئل عن قول الله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالما فإن قال : نعم قال له : أفلا عملت بما علمت ، وإن قال : كنت جاهلا. قال له : أفلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة» (١) وظاهرها لزوم تعلم التكاليف ومتعلقاتها وعدم كون الجهل مع التمكن من التعلم عذرا ، ويختص ذلك بالشبهات الحكمية حيث يكون التعلم في التكاليف ومتعلقاتها كالعبادات.
ومنها ما ورد في لزوم الفحص في الشبهة الحكمية ولزوم الاحتياط قبله ، كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال : «سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما أو على كل منهما جزاء؟ فقال : لا بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد ، قلت : إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه ، فقال : إذا أصبتم بمثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعملوا» (٢) ، وظاهرها أيضا عدم كون الجهل في الشبهة الحكمية قبل الفحص عذرا ، وبهذه الصحيحة وما قبلها يجمع بين الأخبار الآمرة بالتوقف والاحتياط في الشبهات الحكمية ، وبين الأخبار الواردة في السعة ورفع ما لا يعلمون ، وجواز الارتكاب عند الجهل بالحرمة بحمل الثانية على ما بعد الفحص وعدم إحراز التكليف وحمل
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٩. عن أمالي الشيخ المفيد.
(٢) وسائل الشيعة ١٣ : ٤٦ ، الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد ، الحديث ٦.