وأما النحو الثالث : فهو كالحجية والقضاوة والولاية والنيابة والحريّة والرقيّة والزوجية والملكية إلى غير ذلك حيث إنها وإن كان من الممكن انتزاعها من الأحكام التكليفية التي تكون في مواردها ـ كما قيل ـ ومن جعلها بإنشاء أنفسها ، إلّا أنه لا يكاد يشك في صحة انتزاعها من مجرد جعله تعالى ، أو من بيده الأمر من قبله ـ جل وعلا ـ لها بإنشائها ، بحيث يترتب عليها آثارها ، كما يشهد به ضرورة صحة انتزاع الملكيّة والزوجيّة والطلاق والعتاق بمجرد العقد أو الإيقاع ممن بيده الاختيار بلا ملاحظة التكاليف والآثار ، ولو كانت منتزعة عنها لما كاد يصح اعتبارها إلّا بملاحظتها ، وللزم أن لا يقع ما قصد ، ووقع ما لم يقصد [١].
______________________________________________________
الجزء ؛ ولذا يجب الإتيان بهما ، وعلى ذلك لو ورد خطاب وجوب الصلاة عند الدلوك يكون الدلوك بنفسه قيدا للوجوب ومع كون التكليف انحلاليا بالإضافة إلى الدلوك كما هو كذلك بالإضافة إلى أفراد المكلف ففي كل دلوك يثبت وجوب الصلاة في حق كل مكلف بمعنى يكون وجوب الصلاة فعليا بفعلية الدلوك لكل مكلف كما هو الحال في الحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية. وقد ظهر مما تقدم حال قيود متعلق التكليف ، وأن الشرطية أو المانعية لشيء بالإضافة إلى متعلق التكليف تحصل بتبع تعلق التكليف بالمقيد كحصول الجزئية لأجزاء متعلق التكليف بلحاظ تعلق التكليف في مقام الجعل بها.
في القسم الثالث من الأحكام الوضعية
[١] وذكر قدسسره في القسم الثالث من الأحكام الوضعية أنه يمكن جعلها مستقلا بإنشائها كما يمكن جعلها تبعا بإنشاء التكليف في موردها بحيث تكون منتزعة من التكليف المجعول كالحجية والقضاوة ـ أي منصبها ـ والولاية والنيابة والحرية والرقية والزوجية والملكية إلى غير ذلك ، ولكن الصحيح أنها مجعولة مستقلة وابتداء حيث