ثم لا يخفى أن البحث في حجيته مسألة أصولية ، حيث يبحث فيها لتمهيد قاعدة تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية ، وليس مفادها حكم العمل بلا واسطة ، وإن كان ينتهي إليه ، كيف؟ وربما لا يكون مجرى الاستصحاب إلّا حكما أصوليا كالحجية مثلا ، هذا لو كان الاستصحاب عبارة عما ذكرنا. [١]
______________________________________________________
[١] لا يخفى أنه بناء على تعريفه قدسسره حقيقة الاستصحاب بأنه هو الحكم ببقاء حكم أو موضوع ذي حكم لا يكون البحث عن حجيته بل يكون البحث عن نفس ثبوت الاستصحاب يعني الحكم وعدم ثبوته ، نعم بناء على أنه نفس الإبقاء العملي يمكن البحث عن اعتبار هذا الإبقاء أو عدمه سواء فسر الاعتبار بالحكم الوضعي أو بالحكم التكليفي ، كما أنه بناء على ما نذكره ـ من أن الاستصحاب عبارة عن كون اليقين المتعلق بالحالة السابقة يقينا بالبقاء عند الشك فيه ـ أيضا يكون البحث في الاستصحاب بحثا عن ثبوته وعدم ثبوته ، وكيف ما كان ، ذكر الماتن أن البحث عن حجية الاستصحاب من المسائل الاصولية حيث يبحث فيها لتمهيد قاعدة تقع في طريق استنباط الأحكام الفرعية ، ولكنه قدسسره قد ذكر في تعريف علم الاصول وبيان الميزان في مسائلها ـ في أول الكتاب ـ أنه يعرف بها القواعد التي تقع في طريق الاستنباط أو التي ينتهي إليها أمر المجتهد في مقام العمل ، وقال : إن الاصول العملية ـ ومنها الاستصحاب في الشبهات الحكمية بناء على أنه أصل عملي ـ داخلة فيما ينتهي إليه أمر المجتهد في مقام العمل ولا يستنبط منها حكم شرعي فرعي ، وما ذكر في المقام يناقض المذكور هناك ، نعم نفى في المقام أيضا كون الاستصحاب قاعدة فقهية وقال ليس مفاد قاعدة الاستصحاب حكم العمل بلا واسطة ، وإن كان ينتهي إلى حكم العمل وعلّله بأنها كيف تكون قاعدة فقهية وهي قد تجري في مسألة اصولية كما إذا شك في بقاء حجية خبر العدل أو الثقة ، إذا خرج بعد إخباره عن