.................................................................................................
______________________________________________________
الحال في المسألة الثانية ، فإن الاضرار بالغير بكل من الضررين محرم ، فلا بد من اختيار الأخف ، وملاحظة احتمال الأهم ، ويترتب على ذلك أنه إذا أدخل رأس دابته في إناء شخص آخر فإن للحاكم الأمر بكسر الإناء ، فيما إذا لم يتراضيا بغيره ، ويكون ضمان تلف الإناء عليهما بقاعدة العدل والإنصاف ، فإنه لا يمكن للحاكم ذبح الحيوان أو الأمر به ، حيث لا موجب لإدخال الضرر الكثير عليهما ، نعم إذا كان إدخال رأسها بفعل شخص ثالث لا يبعد تخيير الثالث في اختيار كسر الإناء أو ذبح الحيوان ؛ لأنه مكلف بإيصال أحد المالين إلى مالكه بعينه ، والآخر إلى الآخر ببدله وضرر الإتلاف يتوجه إلى نفسه.
ومن هنا لو كان الإدخال بفعل أحد المالكين يتوجه عليه إتلاف مال نفسه ، وتخليص مال صاحبه لو لم يرض صاحبه بإتلاف ماله مع الضمان أو بدونه ، فإن إتلاف مال نفسه مقدمة لإيصال مال صاحبه إليه ، لا يقال : إتلاف مال نفسه ضرري بالإضافة إليه فينفى بقاعدة لا ضرر ، فإنه يقال : لا حكومة لقاعدة نفي الضرر في المقام حيث إن نفي وجوب رد مال صاحبه إليه ضرري مع أنه أقدم على ضرر نفسه بإدخاله رأس الحيوان في الإناء.
وهذا فيما إذا لم يحرز أهمية التحفظ على أحد الضررين ، وإلّا يتعين الاحتفاظ عليه ولو كان بفعل أحد المالكين ، كما إذا أدخل مالك العبد رأس عبده في قدر شخص آخر ، أو أدخل العبد رأسه فيه ، أو أدخل شخص آخر رأسه حيث يجب التحفظ على النفس المحترمة.
وأما المسألة الثالثة : وهي ما إذا دار الأمر بين ضرر نفسه والإضرار بالغير ، ويلحقها ما إذا دار الأمر بين حرمانه وعدم انتفاعه بملكه وبين ضرر الغير ، كما لو كان