.................................................................................................
______________________________________________________
لا يخفى ما فيه ، فإنه قد ذكرنا سابقا عدم كون الدليل على ثبوت خيار الغبن والعيب هو قاعدة نفي الضرر ، بل هو مقتضى اشتراط السلامة وعدم اختلاف القيمة السوقية مع الثمن المسمى باختلاف لا يتسامح فيه ، ومع علم المشتري بحال المبيع من كونه معيبا أو مع علمه بالاختلاف الفاحش بين القيمتين بلا اشتراط بين المتبايعين ، نعم أصل صحة البيع في مورد الغبن أو العيب وإن يكن ضرريا ، إلّا أن قاعدة نفي الضرر لا تنفي الصحة ؛ لأنّ نفيها خلاف الامتنان ، فإنّ المشتري مع جهله بالحال يمكن له فسخ المعاملة بتخلف شرطه ، والعالم بالحال ربما يكون غرضه الوصول إلى المعيب أو المثمن ولو بثمن غال ، ونفي الصحة سدّ لوصوله إلى غرضه ، ولذلك قد فرقوا بين إكراه شخص بمعاملة أو اضطراره إليها ، وقالوا إن نفي الإكراه يرفع صحة المعاملة المكره عليها ، لكون الرفع موافقا للامتنان ، ورفع الاضطرار لا يعم المعاملة المضطر إليها لكون رفعها بعدم إمضائها خلاف الامتنان ، وبهذا يظهر الحال في الوضوء والغسل الضرريين ، فإنه لو كان الضرر المترتب على الوضوء أو الغسل بحيث لا يحرم ارتكابه يمكن أن يحكم بصحته ، نظير كون الوضوء أو الغسل حرجيّا فإنّ قاعدة نفي الضرر كقاعدة نفي الحرج ، لا تعم الفرض لكون الرفع خلاف الامتنان مع الغفلة عن الضرر ، بل لو حكم بعدم وجوبهما أمكن الحكم بصحتها بأدلة استحباب الوضوء والغسل كقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(١) بخلاف ما إذا كان الضرر بحيث يكون إيراد ذلك الضرر محرما على المكلف ، فإن الفعل فيه غير قابل للتقرب به ، وهذا بخلاف ما إذا صام المكلف في شهر رمضان مع كونه مريضا
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٢٢.