ثمّ انّه قد يراعى وجوب الشيء بتحقّق امر مقدور ، فان كان نفس ذلك الامر شرطا فلا يتحقّق الوجوب الّا بعده ولا فرق بين كونه فعلا مباحا او محرّما ، ولا بين كونه مقدّمة وجودية للفعل ام لا.
فانّ وجوب التصدّق بالدينار مشروط بالوطى فى الحيض وان كان الشرط تحقّقه فى المستقبل بالنسبة الى زمان الوجوب ، فقد عرفت ان الشرط فى الحقيقة هو كون الشخص ممن يتحقّق منه هذا الامر ، لا نفس ذلك الامر وحينئذ : فان كان ذلك الفعل مباحا فلا قبح فى التكليف سواء كان ذلك الفعل مقدّمة وجودية للواجب ام لا ، كما اذا نذر التصدق بدرهم لو خرج من البيت ، بناء على ان الوجوب فى النذر المشروط يتحقّق بالنذر لا بتحقّق الشرط ، فحينئذ يجب فى هذا الزمان التصدّق على هذا الشخص عند الخروج باختياره ، فحينئذ لو علم انه سيخرج علم انه يجب عليه الآن التصدّق عند الخروج فيجب عليه اتيان مقدمات لا يتمكن منها فى زمان الخروج ، لكنّ لو فوّت بعض المقدمات على نفسه لم يكن معاقبا. وان قلنا بالعقاب فى تفويت مقدمات المنذور المعلّق على امر خارج عن الاختيار كقدوم زيد : غاية الامر فيما نحن فيه وجوب الخروج ، لئلا يقع فى مخالفة النذر بالاختيار.
وكيف كان فلا اشكال فى امكان كون تنجّز التكليف مراعى بامر مباح مقدور ، وامّا المقدور المحرّم فان لم يكن مقدمة وجودية فلا اشكال فى الجواز ايضا ، كما اذا اوجب النذر وجوب التصدّق لو ارتكب المحرم الفلانى ، فانّه يجب عليه هنا الآن الفعل بعد صدور ذلك المحرم ، فصدوره كاشف عن تنجّز التكليف حين النذر.