ليعطي رأيه في تلك القراءة بأنها ليست إلا وجها إعرابيا مختلفا ، فقديما
قيل : توجيه القراءة الشاذة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة ؛ ومن ذلك ما قاله
عند إعرابه ل «مالك» من سورة الاستفتاح ، قال : «وإنما نذكر هذه الوجوه ، ليعلم
تصرّف الإعراب ومقاييسه ، لا لأن يقرأ به ، فلا يجوز أن يقرأ إلا بما روي وصح عن
الثقات المشهورين عن الصحابة والتابعين ، رضي الله عنهم ، ووافق خط المصحف». ومثله
في موضع آخر من الكتاب : «وكلما قرأنا في كتابنا هذا وفي غيره ، من قراءة أبيّ
وغيره ، مما يخالف خط المصحف ، فلا يقرأ به لمخالفته المصحف ، وإنما نذكره شاهدا
لا ليقرأ به ، فاعلم ذلك» . يلجأ أحيانا إلى التفسير ، للاستعانة به في توضيح وجه
إعرابي. ينقل في كتابه عن أئمة النحو ممن سبقه ، من مثل : سيبويه ، والأخفش ، والكسائي
، والفراء ، والنحاس وغيرهم ، وكثيرا ما كان يغفل ذكر أسماء من نقل عنهم. استخدم
في الإعراب مصطلحات غير مألوفة لدينا اليوم ، من مثل : «لا التبرئة» أي «لا» النافية
للجنس ، و «مفعول على السعة» إذا أريد الاتساع بالظرف ومعاملته معاملة المفعول به ،
ويسمي التمييز ب : «التفسير» أو «البيان» ، وضمير الفصل ب : «العماد» ، واستعمل
كلمة «تكرير» وأراد بها بدل الاشتمال ، و «استثناء ليس من الأول» أي استثناء
منقطعا ، و «المجهول» وأراد به الضمير المحذوف ، و «القطع» بدل الاستئناف ... والمؤلف
ـ رحمهالله ـ يوجّه الإعراب في الآيات حسب التفسير المأثور عن
السلف الصالح من أهل السنة ، وقد يصرح أحيانا بنقد ما ذهب إليه المخالفون من
المعتزلة وغيرهم ؛ وينعتهم بأهل الزيغ .
والكتاب من مؤلفات
مكي المبكرة ، فقد ذكر ابن الجزري في (طبقات القراء) أنه ألّف كتاب (المشكل) في الشام ببيت المقدس سنة
__________________