سور القرآن مراعيا ترتيبها في المصحف ، فيعرض لما أشكل من الإعراب في كل سورة ، مع مراعاة أيضا لنسق الآيات وترتيبها في أكثر الأحيان. وعند ذكره لمشكل إعرابي يتناوله بشكل موجز ، مكتفيا بالإشارة المختصرة الدالة على المراد ، مختارا الوجوه التي يراها دون إسهاب أو إطناب ، فغايته الأولى الإيجاز وعرض المشكلات الإعرابية فقط ، ولهذا نراه يخص بكتابه من بلغ في النحو درجة متقدمة ، ولا يخص به من «لا يعلم من النحو إلا الخافض والمخفوض ، والفاعل والمفعول ، والمضاف والمضاف إليه ..».
ومكي قلما يكرر الكلام في المشكل الإعرابي ذاته ، وإنما يحيل عليه بعبارات مختلفة من مثل : «وعلى هذا قياس ما شابهه ، وعلته كعلته ، فقسه عليه» أو «وقد شرحناه في سورة النحل شرحا أشبع من هذا» أو «وقد تقدم نظائره ، فيقاس عليه ما شابهه» ، «وقد شرحناه بأبين من هذا في موضع آخر في هذا الكتاب ، ومثلناه بأمثلة ، وشبه هذا كثير. وهو يصرح بطريقته هذه فيقول : «وإنما أذكر مثالا من كل صنف لتقيس عليه ما يأتي من مثله ، إذ لا يمكن ذكر كل شيء أتى منه ، كراهة التكرار والإطالة» (١).
قد يذكر المؤلف رأيه في إعراب ما ، فهو بعد أن يعرض وجوها متعددة ومختلفة ، يلجأ إلى انتقاد بعض ما يراه فيها ، بعبارة تدل على دقة ودراية ، مع ذكر لسبب الاعتراض ، أو إهمال له ، يقول : «قال أبو محمد : وفيها نظر يطول ذكره» أو «وفيه بعد» أو «وهو بعيد ضعيف» ، ... وقد يختار ويرجح وجها من الوجوه ، مع تعليل لهذا الاختيار (٢).
ـ يكثر من الاستشهاد بآيات القرآن الكريم ، ولم يستشهد بالحديث الشريف غير مرتين ، وزادت شواهده من الشعر على الثلاثين شاهدا ، وما قلة شواهده من الحديث والشعر إلا دليل اهتمامه الشديد بالقرآن الكريم وحده ، وتعمده الإيجاز.
كثيرا ما يعرض لمشكل إعرابي يعتمد على قراءة شاذة ، ولكنه يسارع
__________________
(١) المشكل ١ / ٤٣.
(٢) المشكل ١ / ٣٧ ، ٤٢ وغير ذلك كثير.