على العطف على (مَنْ) في قوله : (يَسْجُدُ لَهُ مَنْ)(١) ، وجاز ذلك لأنّ السجود هو التذلّل والانقياد. فالكفار الذين حقّ عليهم العذاب أذلّاء تحت قدر الله وتدبيره ، فهم (٢) منقادون لما سبق فيهم من علم الله ، لا يخرجون عمّا سبق في علم الله تعالى فيهم. وقيل : ارتفع (كَثِيرٌ) بالابتداء ، وما بعده الخبر. ويجوز النصب ، كما قال : (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٣) ، بإضمار فعل ، كأنّه قال : وأهان كثيرا حق عليه العذاب ، أو خلق كثيرا حقّ عليه العذاب ، وشبه ذلك من الإضمار الذي يدل عليه المعنى ، وإنما اختير فيه الرفع عند الكسائي ؛ لأنّه محمول على معنى الفعل ؛ لأن معناه : وكثير أبى السجود (٤).
١٤٩٦ ـ قوله تعالى : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) ـ ٢٠ ـ (ما) في موضع رفع ب (يُصْهَرُ) ، و (الْجُلُودُ) عطف على (ما) ، والمعنى : يذاب (٥) به ما في بطونهم ، وتذاب به جلودهم. والهاء في (بِهِ) تعود على (الْحَمِيمُ).
١٤٩٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ) ـ ٢٥ ـ إنما عطف (وَيَصُدُّونَ) وهو مستقبل ، على (كَفَرُوا) ، وهو ماض ؛ لأن (يَصُدُّونَ) في موضع الحال ، والماضي يكون حالا مع «قد». وقيل : هو عطف على المعنى ، لأنّ تقديره : إنّ الكافرين والصّادّين. وقيل : الواو زائدة ، و (يَصُدُّونَ) خبر (إِنَّ)(٦). وقيل : خبر (إِنَّ) محذوف تقديره : إنّ الذين كفروا وفعلوا كذا وكذا خسروا وهلكوا ، وشبه ذلك من الإضمار الذي يدل عليه الكلام (٧).
__________________
(١) في الأصل : «يسجد له من ، وكثير».
(٢) في الأصل : «فمنهم» وصححت من : (ظ ، ق ، د).
(٣) سورة الإنسان : الآية ٣١.
(٤) انظر : البيان ١٧١/٢ ؛ والعكبري ٧٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٤/١٢.
(٥) في الأصل : «عطف على معنى يذاب».
(٦) على تقدير : إن الذين كفروا يصدون.
(٧) البيان ١٧٢/٢ ؛ والإنصاف ٦٤/٢ المسألة : ٦٤ ؛ والعكبري ٧٧/٢ ؛ وتفسير ـ