المضمر المحذوف تقديره : إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم في هاتين الحالتين.
١٢٤٨ ـ قوله تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ـ ٤٤ ـ (يَوْمَ) مفعول (أَنْذِرِ) ، ولا يحسن أن يكون ظرفا للإنذار ؛ لأنه لا إنذار يوم القيامة. و «يقول» (١) عطف على (يَأْتِيهِمُ) ، ولا يحسن نصبه على جواب الأمر ؛ لأنّ المعنى يتغير فيصير : إن أنذرتهم في الدنيا قالوا : ربنا أخّرنا (٢) وليس الأمر على ذلك ؛ إنما قولهم وسؤالهم التأخير ، إذا أتاهم العذاب ورأوا الحقائق.
١٢٤٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) ـ ٤٦ ـ من نصب «لتزول» فاللام لام جحد ، والنصب على إضمار (إِنْ) ، ولا يحسن إظهارها ، كما يجوز ذلك مع لام كي ؛ لأنّ لام الجحد مع الفعل كالسين مع الفعل في «سيقوم» ؛ إذ هو نفي مستقبل. فكما لا يحسن أن يفرق بين السين والفعل ، كذلك لا يحسن أن يفرق بين اللام والفعل ، وتقديره : وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ، على التصغير والتحقير لمكرهم ، أي هو أضعف وأحقر من ذلك. فالجبال في هذه القراءة تمثيل لأمر النبي [صلىاللهعليهوسلم](٣) ونبوته ودلائله ، وقيل : هو تمثيل للقرآن. والضمير في (مَكْرَهُمْ) لقريش ، وعلى هذه القراءة أكثر القراء ، أعني : كسر اللام الأولى وفتح الثانية. وقد قرأ الكسائي (٤) بفتح اللام الأولى وضم الثانية ، فاللام الأولى لام تأكيد على هذا القراءة ، و (إِنْ) مخففة من الثقيلة ، والهاء مضمرة مع «إن» تقديره : وإنه كان مكرهم لتزول منه الجبال ؛ فهذه القراءة تدل على تعظيم مكرهم وما ارتكبوا من فعلهم ، و (الْجِبالُ) أيضا يراد بها
__________________
(١) في(ق ، د) : «وفيقول».
(٢) في(ح) : «أخرجنا» وهو تحريف.
(٣) زيادة من : (د).
(٤) وافق الكسائي في قراءته هذه ابن محيصن. وقرأ الباقون بكسر اللام الأولى ونصب الثانية «لِتَزُولَ». النشر ٢٨٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٣٥ ؛ والإتحاف ، ص ٢٧٣.