ابتدائي باسم الله ، فالباء على هذا متعلّقة بالخبر الذي قامت الباء مقامه ، تقديره : ابتدائي ثابت أو مستقرّ باسم الله ، أو نحوه. ولا يحسن (١) تعلق الباء بالمصدر الذي هو مضمر ؛ لأنه يكون داخلا في صلته ، فيبقى الابتداء بغير خبر.
وقال الكوفيون : «بسم» في موضع نصب على إضمار فعل تقديره : ابتدأت باسم الله ؛ فالباء على هذا متعلّقة بالفعل المحذوف.
واسم أصله «سمو» وقيل سمو. وهو عند البصريين مشتق من : سما يسمو ، ولذلك ضمت السين في أصله في «سم». وقيل : هو مشتق من : سمي يسمى ، ولذلك كسرت السين في «سم» ثم حذف آخره ، وسكّن أوّله اعتلالا على غير قياس ، ودلّ على ذلك قولهم : «سمي» في التصغير ، وجمعه أسماء ، وجمع أسماء أسامي. وهو عند الكوفيين مشتق من السّمة ؛ إذ صاحبه يعرف به ، وأصله : «وسم» ثم أعلّ بحذف الفاء ، وحرّكت العين على غير قياس أيضا. ويجب على قولهم أن يصغّر فيقال : «وسيم» ولم يقله أحد ؛ لأن التصغير يردّ الأشياء إلى أصولها ، ولهم مقال يطول ذكره ؛ وقولهم أقوى في المعنى ، وقول البصريين أقوى في التصريف (٢). وحذفت الألف في الخط من اسم «الله» استخفافا ، وقيل : حذفت لئلا تشبه هجاء «اللات» في قول من وقف عليها بالهاء ، وقيل : لكثرة الاستعمال. وكذلك العلة في حذف ألف «الرحمن». والأصل في اسم «الله» جلّ ذكره «إلاه» ، ثم دخلت الألف واللام فصار «الإلاه» (٣) ، فخففت الهمزة بأن ألقيت حركتها على اللام الأولى ، ثم أدغمت اللام الأولى في الثانية (٤) ، ولزم الإدغام والحذف للتعظيم والتفخيم. وقيل : بل
__________________
(١) في (ح) مطموسة ، وأثبت ما جاء في (ظ).
(٢) انظر الإنصاف ١ / ٤ ـ ١٠ ، وتفسير القرطبي ١ / ١٠٠ ، والبحر المحيط ١ / ٤ ، وإملاء ما منّ به الرحمن ، للعكبري ١ / ٣.
(٣) في (ح) «اللال» ، والتصحيح من (ظ ، د).
(٤) بعدها في ق : «فصارتا لاما مشددة».