فأقيمت مقام الموصوف ، وأصلها الصفة ؛ قال الله تعالى : (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى)(١). فأمّا من قرأ (٢) : «ولدار» بلام واحدة ، وأضافها إلى (الْآخِرَةُ) فإنّه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «دار» ، إنما الآخرة في هذا صفة لموصوف محذوف تقديره : ولدار السّاعة الآخرة خير ، ثم حذفت الساعة وأقيمت الصفة مقام الموصوف ، فأضيفت «الدار» إليها ، فالآخرة والدنيا أصلهما الصفة ، لكن اتسع فيهما ، فاستعملا استعمال الأسماء ، فأضيف إليهما (٣).
٧٨٠ ـ قوله تعالى : (يُكَذِّبُونَكَ) ـ ٣٣ ـ من شدّده حمله على معنى : لا ينسبونك إلى الكذب ، كما يقال : فسّقت الرجل وخطّأته ، إذا نسبته إلى الفسق والخطأ. فأمّا من خففه (٤) فإنه حمله على معنى : لا يجدونك كاذبا ؛ كما يقال : أحمدت الرجل وأبخلته ، إذا أصبته بخيلا أو محمودا ، [وأكذبته إذا ألفيته كاذبا](٥). وقد يجوز أن يكون معنى التخفيف والتشديد سواء ، كما يقال : قلّلت وأقللت ، وكثّرت وأكثرت ، بمعنى (٦) واحد (٧).
__________________
(١) سورة الضحى : الآية ٤.
(٢) هي قراءة ابن عامر ، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام ، وقرأ الباقون بلامين مع تشديد الدال. النشر ٢٤٨/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٧.
(٣) الكشف ٤٢٩/١ ؛ والبيان ٣١٩/١ ؛ والعكبري ١٣٩/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤١٥/٦.
(٤) قرأ بالتخفيف نافع والكسائي ، وقرأ الجمهور بالتشديد. النشر ٢٤٨/٢ ، والإتحاف ، ص ٢٠٧.
(٥) زيادة مثبتة في هامش الأصل.
(٦) الكشف ٤٣٠/١ ؛ والبيان ٣١٩/١ ؛ والعكبري ١٣٩/١ ؛ وتفسير القرطبي ٤١٦/٦.
(٧) في هامش الأصل كلام غامض يتعلق بإعراب الآية : (وَلَقَدْ جٰاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) ـ ٣٤ ـ قرئ منه ما نصه : «مفعول جاءك الكاف ، وفاعلها مضمر ، التقدير : ولقد جاءك من نبأ المرسلين نبأ. ويجوز أن تكون (مِنْ) زائدة ، كقولك : ما جاءني من أحد ، أي ما جاءني أحد ؛ لأن «مِنْ» لا تزاد في الخبر الواجب ...». ـ وإتماما للفائدة أثبت ما جاء في هامش(ظ) / ٤٤ ب نقلا عن العكبري ١٣٩/١ : «(وَلَقَدْ جٰاءَكَ) فاعل(جاء)مضمر فيه. قيل : المضمر المجيء ، وقيل : المضمر النبأ ، ودل عليه ذكر الرسل ، لأن من ضرورة الرسول الرسالة ، وهي نبأ ؛ وعلى ـ