٧٧٥ ـ قوله تعالى : (مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) ـ ٢٥ ـ «من» مبتدأ ، وما قبله خبره وهو (وَمِنْهُمْ). ووحّد (يَسْتَمِعُ) ؛ لأنّه حمله على لفظ (مَنْ) ؛ ولو جمع في الكلام على المعنى لحسن ، كما قال في سورة يونس : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ)(١).
٧٧٦ ـ قوله تعالى : (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ)(٢) ـ ٢٧ ـ من رفع الفعلين عطفهما على (نُرَدُّ) وجعله كله مما تمناه (٣) الكفار يوم القيامة ، تمنوا ثلاثة أشياء : أن يردّوا ، وتمنّوا ألا يكونوا قد كذّبوا بآيات الله في الدنيا ، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين. ويجوز أن يرفع «نُكَذِّبَ و نَكُونَ» على القطع ، فلا يدخلان في التمني ، تقديره : يا ليتنا نردّ ونحن لا نكذّب ، ونحن نكون من المؤمنين ، رددنا أو لم نردّ. كما حكى سيبويه (٤) : دعني ولا أعود ، بالرفع ، أي : وأنا لا أعود ، تركتني أو لم تتركني ، ولم يسأل أن يجمع له الترك والعود. ويؤيد الرفع على القطع على المعنى الذي ذكرنا قوله جلّ ذكره : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ، فدل تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنّوه ؛ لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب ، إنما يكون التكذيب في الخبر. وقال بعض أهل النظر : الكذب لا يجوز وقوعه في الآخرة ؛ إنما يجوز في الدنيا. وتأويل قوله تعالى : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) أي كاذبون في الدنيا ، في تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث ، فيكون ذلك حكاية للحال التي كانوا عليها في الدنيا. وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم في الآخرة ؛ لأنهم ادّعوا أنهم لو ردّوا لم يكذبوا بآيات الله ،
__________________
(١) سورة يونس : الآية ٤٢.
(٢) في المصحف : «وَلاٰ نُكَذِّبَ ، وَنَكُونَ» ، بنصب الفعلين ؛ وهي قراءة حمزة ، وحفص عن عاصم ، ويعقوب. وقرأ برفع الفعلين نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، وأبو جعفر وخلف. أما ابن عامر فقرأ برفع فعل (لاٰ نُكَذِّبَ) ونصب فعل (نَكُونَ). النشر ٢٤٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٠٢ ؛ والإتحاف ص ٢٠٦.
(٣) في(ح ، د) : «يتمناه».
(٤) الكتاب ، لسيبويه ٤٣٦/١.