لا تكون إلا بعد تمام الموصوف بصلته (١) ، فلو جعلت (مَنْ) متعلقة ب «جزاء» دخلت في صلته ، وأنت قد قدمت (مِثْلُ) وهو بدل أو صفة ، والبدل والصفة لا يأتيان إلا بعد تمام الموصول (٢) وصلته ، فيصير ذلك إلى التفرقة بين الصلة والموصول بالبدل أو بالنعت (٣) ، وليس هذا بمنزلة : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها)(٤) في جواز تعلّق الباء ب «جزاء سيئة» ، لأنه لم يوصف ، ولا أبدل منه ، إنما أضيف ، والمضاف إليه داخل في الصلة ، ومن تمام المضاف ، فكلّ داخل في الصلة ، فذلك حسن جائز.
و (مِثْلُ) في هذه القراءة بمعنى : مماثل ، والتقدير : فجزاء مماثل لما قتل ، يعني في القيمة ، أو في الخلقة ، على اختلاف العلماء في ذلك. ولو قدّرت «مثلا» على لفظه لصار المعنى : فعليه جزاء مثل المقتول من الصيد ، وإنما يلزمه جزاء المقتول بعينه ، لا جزاء مثله ؛ لأنه إذا أدّى جزاء مثل المقتول صار إنما يؤدي جزاء ما لم يقتل ، لأن مثل المقتول لم يقتله ، فصحّ أن المعنى : فعليه جزاء مماثل للمقتول ، يحكم به ذوا عدل منكم ، ولذلك بعدت القراءة بالإضافة عند جماعة ؛ لأنها توجب أن يلزم القاتل جزاء مثل الصيد الذي قتل ، وإنما جازت الإضافة عندهم على معنى قول العرب : إني لأكرم مثلك ، يريدون : لأكرمك ؛ فعلى هذا أضاف «الجزاء» إلى مثل المقتول ؛ يراد به المقتول بعينه ، فكأنه في التقدير : فعليه جزاء المقتول من الصيد ، وعلى هذا تأوّل العلماء قول الله عزوجل : (كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ)(٥) [معناه : كمن هو في الظلمات] ؛ ولو حمل على الظاهر لكان مثل الكافر في الظلمات ، لا الكافر نفسه ، والمثل والمثل واحد.
و (مِنَ النَّعَمِ) في قراءة من أضاف «الجزاء» إلى (مِثْلُ) ، صفة
__________________
(١) في هامش الأصل : «ولا ينعت بعض اسم ، ولا يبدل منه».
(٢) في الأصل : «الموصوف».
(٣) في الأصل : «بالبدل والنعت».
(٤) سورة يونس : الآية ٢٧.
(٥) سورة الأنعام الآية ١٢٢.