و (يُحَرِّفُونَ) صفتان لمحذوفين مرفوعين بالابتداء ، وما قبلهما الخبر ، تقديره : فريق سمّاعون ، وفريق يحرّفون الكلم ليكذّبوا ؛ لم يرد أنّهم يسمعون الكذب ويقبلونه ؛ إنما أراد : يسمعون ليكذبوا ، ويقولوا ما لم يسمعوا ، ودلّ على ذلك قوله : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ.) ويجوز أن تكون (يُحَرِّفُونَ) حالا من المضمر في (سَمَّاعُونَ) ، وتكون هي الحال المقدرة ، أي يسمعون الكذب (١) مقدّرين التحريف ، مثل قوله : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٢).
٦٩٤ ـ قوله تعالى : (آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ) ـ ٤١ ـ صفتان ل «قوم».
٦٩٥ ـ قوله تعالى : (يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ) ـ ٤١ ـ حال من المضمر في (يُحَرِّفُونَ) ، فتقف على (قُلُوبُهُمْ) في هذا القول ، وتبتدئ : (وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) وهو خبر الابتداء. وقد قيل : إن (سَمَّاعُونَ) رفع على إضمار : هم سماعون ، ابتداء وخبر ، فتقف على (هادُوا) في هذه القول ، والقول الأول أحسن وأولى. فأما : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) ـ ٤٢ ـ الثاني (٣) ، فهو رفع على إضمار مبتدأ ، أي هم سمّاعون للكذب أكّالون للسّحت.
٦٩٦ ـ قوله تعالى : (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) ـ ٤٤ ـ (الَّذِينَ) صفة ل «النبيين» على معنى المدح والثناء ، لا على معنى الصفة التي تأتي للفرق بين الموصوف وبين من ليس صفته ، كذلك تقول : رأيت زيدا العاقل ، فيحتمل أن تكون هذه الصفة جئت بها للثناء والمدح لا غير كالآية ، ويحتمل أن تكون جئت بها لتفرق بين زيد العاقل وبين [زيد] آخر ليس بعاقل ، وهذا لا يجوز في الآية [بين النبيين](٤) لأنه لا يمكن أن يكون ثمّ نبيون غير مسلمين ، كما يحتمل أن يكون ثمّ زيد آخر غير عاقل. فإن قلت : رأيت زيدا الأحمر ، فهذه صفة جئت بها لتفرّق بها بين زيد الأحمر
__________________
(١) لفظ «الكذب» مثبت في هامش الأصل ، وساقط في (ح ، ظ ، د).
(٢) سورة المائدة : الآية ٩٥ ، وسيأتي في فقرة (٧٣٠).
(٣) أي في : الآية ٢ من هذه السورة.
(٤) زيادة في هامش الأصل.