يصدوكم» ، فالمعنى : إن وقع صد مثل الذي فعل بكم أوّلا فلا تعتدوا ، ومثله عند سيبويه قول الشاعر :
أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا |
|
[جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم](١) |
وذلك شيء قد كان ووقع (٢) ، وإنّما معناه : إن وقع مثل ذلك أتغضب؟ وجواب الشرط ما قبله. ومن قرأ بالفتح ف (أَنْ) في موضع نصب مفعول من أجله ، وعليه أتى التفسير ؛ لأن الصدّ قد كان ووقع (٣) قبل نزول الآية ؛ لأن الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان ، وصدّ المشركون المسلمين عن البيت عام الحديبية سنة ستّ ؛ فالفتح بابه ، وعليه يدلّ التفسير والتاريخ ؛ لأن الكسر يدل على أمر لم يقع ، والفتح يدل على أمر قد كان وانقضى ، ونظير ذلك لو قال رجل لامرأته وقد دخلت داره : أنت طالق إن دخلت الدار ، فكسر (أَنْ) لم تطلق [عليه] بدخولها الأوّل ، لأنّه أمر ينتظر ، ولو فتح لطلّقت عليه ؛ لأنه أمر قد كان. وفتح (أَنْ) إنما هي علّة لما كان ووقع ؛ وكسرها إنما يدلّ على أمر ينتظر ، قد يكون ، أو لا يكون ؛ فالوجهان حسنان على معنيهما (٤).
٦٦٤ ـ قوله تعالى : (أَنْ تَعْتَدُوا) ـ ٢ ـ (أَنْ) في موضع نصب ب (يَجْرِمَنَّكُمْ). و (شَنَآنُ) مصدر ، وهو الفاعل ل (يَجْرِمَنَّكُمْ) ، والنهي
__________________
(١) ما بين قوسين سقط من (ح ، ظ ، د) وقد أكمله الناسخ في هامش الأصل ، وقد ورد في نسخة (ق). والبيت للفرزدق ، وهو في ديوانه ص ٨٥٥ ؛ وسيبويه ١ / ٤٧٩ ؛ ومراتب النحويين ص ١٦ ؛ والكامل ٢ / ٤٢١ ؛ والخزانة ٣ / ٦٥٥ ؛ والعيني علي الأشموني ٤ / ٩ ؛ وشرح أبيات مغني اللبيب ، لعبد القادر البغدادي ١ / ١١٧.
وفي البيت إشارة إلى مقتل عبد الله بن خازم ، وقتيبة بن مسلم ، أميري خراسان ، الواحد تلو الآخر.
(٢) في (ح) : «وقع».
(٣) في ح ، ظ ، ق «وقع».
(٤) الكشف ١ / ٤٠٥ ؛ والبيان ١ / ٢٨٣ ؛ والعكبري ١ / ١٢٠ ؛ وتفسير القرطبي ٦ / ٤٦.