وما دعا عليهم إلا بعد أن أذن له في ذلك. وقوله : (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً) الفاء وقعت موقع الجواب. والتقدير فأجيب بأن قيل له : فأسر بعبادي. أمره سبحانه أن يسير بأهله وبالمؤمنين به ليلا ، حتى لا يردهم فرعون إذا خرجوا نهارا ، وأعلمه بأنه سيتبعهم فرعون بجنوده ، بقوله : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) أي ساكنا على ما هو به إذا قطعته وعبرته. وكان قد ضربه بالعصا فانفلق لبني إسرائيل ، فأمره الله سبحانه أن يتركه كما هو ، ليغرق فرعون وقومه. وقيل : رهوا أي منفتحا منكشفا حتى يطمع فرعون في دخوله ... قال قتادة : لما قطع موسى البحر ، عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم ، وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له : (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) أي كما هو طريقا يابسا. (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) سيغرقهم الله تعالى (١).
* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢٩) [سورة الدخان : ٢٩]؟!
الجواب / قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «مر عليه رجل عدو لله ولرسوله ، فقال : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) ، ثم مرّ عليه الحسين بن علي عليهماالسلام ، فقال : لكن هذا لتبكين عليه السماء والأرض ، وقال : وما بكت السماء والأرض إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي عليهمالسلام (٢).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «كان علي بن الحسين عليهماالسلام يقول : إيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي عليهماالسلام دمعة حتى تسيل على خده ، بوأه الله في الجنة غرفا يسكنها أحقابا ، وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعا حتى تسيل على خده لأذى مسّنا من عدونا في الدنيا ، بوأه الله مبوأ صدق في الجنة ، وأيما
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٠٦.
(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٩١.