تحسدوننا أن نشارككم في الغنيمة. فقال سبحانه ليس الأمر على ما قالوه : (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) الحق ، وما تدعونهم إليه (إِلَّا قَلِيلاً) أي إلا فقها قليلا ، أو شيئا قليلا. وقيل : معناه إلا القليل منهم ، وهم المعاندون.
ثم قال سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قُلْ) يا محمد (لِلْمُخَلَّفِينَ) الذين تخلفوا عنك في الخروج إلى الحديبية (مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ) فيما بعد (إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) وهم هوازن وحنين ... وقيل : هم هوازن وثقيف ... وقيل. هم ثقيف ... وقيل : هم بنو حنيفة مع مسيلمة الكذاب ... وقيل : هم أهل فارس ... وقيل : هم الروم ... وقيل. هم أهل صفين أصحاب معاوية. والصحيح أن المراد بالداعي في قوله (سَتُدْعَوْنَ) هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنه قد دعاهم بعد ذلك إلى غزوات كثيرة ، وقتال أقوام ذوي نجدة وشدة ، مثل أهل حنين والطائف ومؤتة إلى تبوك وغيرها. فلا معنى لحمل ذلك على ما بعد وفاته. (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) معناه : إن أحد الأمرين لا بد أن يقع لا محالة ، وتقديره : أو هم يسلمون أي يقرون بالإسلام ويقبلونه. وقيل : ينقادون لكم. وفي حرف أبي : أو يسلموا وتقديره : إلى أن يسلموا. وفي النصب دلالة على أن ترك القتال من أجل الإسلام إذا وقع (فَإِنْ تُطِيعُوا) أي فإن تجيبوا إلى قتالهم (يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) أي جزاءا صالحا (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عن القتال ، وتقعدوا عنه (كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) عن الخروج إلى الحديبية (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) في الآخرة (١).
* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (١٨) وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ١٩٠ ـ ١٩٣.