علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟ قالوا : ومن أين ، يا أبا الحسن؟ فقال عليهالسلام : «من قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) فصارت وراثة النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين. أما علمتم أن نوحا عليهالسلام حين سأل ربه تعالى ذكره ، فقال : (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ)(١) وذلك أن الله عزوجل وعده أن ينجيه وأهله ، فقال له ربه عزوجل : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ)(٢)؟ (٣).
* س ٢٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)(٢٧) [سورة الحديد : ٢٧]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : (ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا) أي : ثم أتبعنا بالإرسال على آثار من ذكرناهم من الأنبياء ، برسل آخرين إلى قوم آخرين ، وأنفذناهم رسولا بعد رسول. (وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) بعدهم. فأرسلناه رسولا. (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) أي وأعطينا عيسى بن مريم الإنجيل (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) في دينه ، يعني الحواريين ، وأتباعهم ، اتبعوا عيسى «رأفة وهي أشد الرقة و «رحمة وإنما أضاف الرأفة والرحمة إلى
__________________
(١) هود : ٤٥.
(٢) هود : ٤٦.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ١ ، ص ٢٢٩ ، ح ١.