وجريان السفن فيها لآيات أي حججا واضحات (لِكُلِّ صَبَّارٍ) على أمر الله (شَكُورٍ) على نعمه ، وإنما أضاف الآيات إلى كل صبار وإن كانت دلالات لغيرهم أيضا من حيث هم الذين انتفعوا بها دون غيرهم ، ممن لم ينظر فيها. وقوله (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) معناه يهلكهن بالغرق ـ في قول ابن عباس والسدي ومجاهد ـ (بِما كَسَبُوا) أي جزاء على ما فعلوا من المعاصي (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) أخبار منه تعالى أنه يعفو عن معاصيهم لا يعاجلهم الله بعقوبتها. وقوله (وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) إخبار منه تعالى أن الذين يجادلون في إبطال آيات الله تعالى ويدفعونها سيعلمون أنه ليس لهم محيص أي ملجأ يلجأون إليه (١).
* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)(٣٦) [سورة الشورى : ٣٦]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : الله تعالى مخاطبا لمن تقدم وصفه (فَما أُوتِيتُمْ) يعني إن الذي أوتيتموه وأعطيتموه (مِنْ شَيْءٍ) من الأموال ، (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي هو شيء ينتفع به عاجلا لا بقاء له ولا محصول له. والمتاع يخير به عن الإمتاع ويعبر به عن الأثاث ، ففي ذلك تزهيد في الدنيا وحث على عمل الآخرة. ثم قال (وَما عِنْدَ اللهِ) يعني من الثواب في الجنة (خَيْرٌ وَأَبْقى) من هذه المنافع العاجلة التي هي قليلة والآخرة باقية دائمة ، وهذه فانية منقطعة. ثم بين أنها حاصلة (لِلَّذِينَ آمَنُوا) بتوحيد الله وتصديق رسله (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) أي يفوضون أمرهم إليه تعالى دون غيره فالتوكل على الله تفويض الأمر إليه باعتقاد أنها جارية من قبله على أحسن التدبير مع الفزع
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ١٦٥.