تأخذه عند نزع روحه فيصير بمنزلة السكران. وقوله (ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) أي يقال له عند ذلك هذا الذي كنت منه تعرب وتروغ. وقوله (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) قيل فيه وجهان : أحدهما ـ إنه جمع صورة ينفخ الله في الصور بأن يحييها يوم القيامة. الثاني ـ أن الصور قرن ينفخ إسرافيل فيه النفخة الأولى فيموت الخلق ، والنفخة الثانية فيحيون يوم القيامة ، وهو يوم الوعيد الذي وعد الله أن يعاقب فيه من يكفر به ويعصي أمره ، ويثيب من يؤمن به ويمتثل (١).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) (٢٣) [سورة ق : ٢١ ـ ٢٣]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : يقول الله تعالى إن يوم الوعد الذي بينه تجيء كل نفس من المكلفين (مَعَها سائِقٌ) يسوقها (وَشَهِيدٌ) يشهد عليها ، وهما ملكان أحدهما يسوقه ويحثه على السير ، والآخر يشهد عليه بما يعلمه من حاله ويشاهده منه وكتبه عليه ، فهو يشهد بذلك على ما بينه الله ودبره.
أقول : وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «السائق : أمير المؤمنين عليهالسلام ، والشهيد : رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
وقوله : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ) أي يقال له (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ) أي في سهو ونسيان (مِنْ هذا) اليوم ، فالغفلة ذهاب المعنى عن النفس ، وضده اليقظة. وقوله (فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ) أي أزلنا الغطاء عنك حتى ظهر لك الأمر ، وإنما تظهر الأمور في الآخرة بما يخلق الله فيهم من العلوم الضرورية ،
__________________
(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٣٦٤.
(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٠٩ ، ح ٢.