لْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) أي ذلت فأراد علوم التجلي ، والتجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، وهي علوم الأذواق ، وكل تجل إلهي لا بد أن يصحبه زيادة في العلم ، فزاد هنا من العلم العلم بشرف التأني عند الوحي ، فقوله تعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) بما يكون من الله إليه برفع الوسائط ، وما أسمعنا الله ذلك إلا تنبيها لنقول ذلك ونطلبه من الله ، ولو كان خصوصا بالنبي لم يسمعنا ، أو كان يذكر أنه خاص به كما قال في نكاح الهبة ، فإذا سأل الإنسان مزيد العلم فليسأل كما أمر الله تعالى نبيه أن يسأل إذ قال له (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) فنكر ولم يعين ، فعمّ ، فأي علم نزل عليه دخل تحت هذا السؤال ، فإن النزول عن سؤال أعظم لذة من النزول عن غير سؤال ، فإن في ذلك إدراك البغية وذلة الافتقار ، وإعطاء الربوبية حقها والعبودة حقها ، وفي العلم المنزل عن السؤال من علو المنزلة ما لا يقدّر قدر ذلك إلا الله ـ تحقيق ـ إذا قلت : ما لا بد منه هو يأتيك من غير طلب ، لأنه من المحال الإقامة على أمر واحد زمانين ، فلا يحتاج إلى طلب الزائد ، قلنا : قال تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) ينبهه وإيانا على أن ثمّ أمرا آخر زائدا على ما هو الحاصل في الوقت ، لنتهمم لقدومه ، وليظهر من العبد الافتقار إلى الله بالدعاء في طلب الزيادة ، والزائد غير معيّن عندك ، فإذا عينه الدعاء والحق يجيب ، فقد تعيّن عندك ما تدعو فيه ، وهو الذي أمر الله به نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يزيده بطلبه علما به في كل ما يعطيه.
والعلم أشرف ما يؤتيه من منح |
|
والكشف أعظم منهاج وأوضحه |
فإن سألت إله الحق في طلب |
|
فسله كشفا فإن الله يمنحه |
وأدمن القرع إن الباب أغلقه |
|
دعوى الكيان وجود الله يفتحه |
(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (١١٥)
خلق الله تعالى آدم بيديه وما حفظه من المعصية ولا من النسيان ، وما توجهت اليدان إلا على طينته وطبيعته ، وما جاءته الوسوسة إلا من جهة طبيعته ، لأن الشيطان وسوس إليه وهو مخلوق من جزء ما خلق منه آدم ، فما نسي ولا قبل الوسوسة إلا من طبيعته ، فإن هذه النشأة من حكم الطبيعة فيها الجحد والنسيان ، فكانت حركة آدم في جحده حركة طبيعية ، وفي نسيانه أثر طبيعي ، فلو تناسى لكان الأمر من حركة الطبيعة ، كالجحد من