لا يرى فيه عوجا ولا أمتا ، وما طلب الزيادة من العلم إلا من الرب ، ولهذا جاء مضافا لاحتياج العالم إليه أكثر من غيره من الأسماء ، لأنه اسم لجميع المصالح ، وهو من الأسماء الثلاث الأمهات ، وهي : الله والرحمن والرب ، فقال (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) أي زدني من كلامك ما أزيد به علما بك ، يرقى به عنده منزلة لم تكن له ، فالمراد بهذه الزيادة من العلم المتعلق بالإله ليزيد معرفة بتوحيد الكثرة ، فتزيد رغبته في تحميده ، فيزاد فضلا على تحميده دون انتهاء ولا انقطاع ، فطلب منه الزيادة وقد حصل من العلوم والأسرار ما لم يبلغه أحد ، ومما يؤيد ما ذكرناه من أنه أمر بالزيادة من علم التوحيد لا من غيره ، أنه كان صلىاللهعليهوسلم إذا أكل طعاما قال [اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه] وإذا شرب لبنا قال [اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه] لأنه أمر بطلب الزيادة ، فكان يتذكر عند ما يرى اللبن اللبن الذي شربه ليلة الإسراء ، فقال له جبريل : أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك ، والفطرة علم التوحيد الذي فطر الله الخلق عليها حين أشهدهم حين قبضهم من ظهورهم وقال لهم : ألست بربكم؟ قالوا : بلى ، فشاهدوا الربوبية قبل كل شيء ، ولهذا تأول صلىاللهعليهوسلم اللبن لما شربه في النوم وناول فضله عمر ، قيل : ما أولته يا رسول الله؟ قال : العلم ، فلو لا حقيقة مناسبة بين العلم واللبن جامعة ما ظهر بصورته في عالم الخيال ، عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله ، واعلم أن الله تعالى أمر نبيه أن يقول (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) وما أمره إلى وقت معين ولا حد محدود ، بل أطلق ، فطلب الزيادة والعطاء دنيا وآخرة ، فقد أمر صلىاللهعليهوسلم بطلب الزيادة مع كونه قد حصل علم الأولين والآخرين وأوتي جوامع الكلم ، فإنه لا يعظم على الله شيء طلب منه ، فإن المطلوب منه لا يتناهى فليس له طرف نقف عنده ، فوسع في طلب المزيد ، يقول النبي صلىاللهعليهوسلم في شأن يوم القيامة [فأحمده] يعني إذا طلب الشفاعة [بمحامد يعلمنيها الله لا أعلمها الآن] فالله لا يزال خلاقا إلى غير نهاية فينا ، فالعلوم إلى غير نهاية ، ولا شيء أشرف من العلم ، ولم يأمر بطلب زيادة في غيره من الصفات ، لأنه الصفة العامة التي لها الإحاطة بكل صفة وموصوف فطلب المزيد من العلم عبادة مأمور بها.
فالعلم أشرف نعت ناله بشر |
|
وصاحب العلم محفوظ عليه مصون |
إن قام قام به أو راح راح به |
|
والحال والمال في حكم الزوال يكون |
ولما كانت أعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ، أردف سبحانه هذه الآية بقوله (وَعَنَتِ