عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١) وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٢)
نزلت هذه الآية في توعد أبي بكر رضي الله عنه لمسطح في قضية الإفك ، وقد حلف أبو بكر أن لا يعطي مسطحا ما كان يعطيه ، فنزلت الآية (وَلا يَأْتَلِ) أي لا يحلف (أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) من له مال رزقه الله (وَالسَّعَةِ) يعني في الرزق (أَنْ يُؤْتُوا) يعطوا (أُولِي الْقُرْبى) ذوي الرحم (وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) فقال رضي الله عنه بعد سمعها : بلى إني أحب أن يغفر الله لي ، وأعاد ما كان خصصه لمسطح وكفّر عن يمينه ، ففي الوعيد إذا لم يكن حدا مشروعا وكان لك الخيار فيه وعلمت أن تركه خير من فعله عند الله ، فلك أن لا تفي به وأن تتصف بالخلف فيه ، فقد قال صلىاللهعليهوسلم : [من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير] وقال الشاعر :
وإني إذا أوعدته أو وعدته |
|
لمخلف إيعادي ومنجز موعدي |
وإنما عوقب بالكفارة لأنه أمر بمكارم الأخلاق واليمين على ترك فعل الخير ، وهذا الترك من مذام الأخلاق ، فعوقب بالكفارة ، والله فعّال لما يريد لا يقاس بالمخلوق ولا يقاس المخلوق عليه ، وإنما الأدلة الشرعية أتت بأمور تقرر عندنا منها أنه يعامل عباده بالإحسان وعلى قدر ظنهم به ، فتبين أنه سبحانه ما يحمد خلقا من مكارم الأخلاق إلا وهو تعالى أولى به بأن يعامل به خلقه ، ولا يذمّ شيئا من سفساف الأخلاق إلا وكان الجناب الإلهي أبعد منه.