اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢٣)
(وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) في أخذ الميثاق الذي أخذ عليهم ، فوفوا به ، وقيل فيهم : صدقوا ، لأنهم غالبوا فيه وفي الوفاء به الدعاوى المركوزة في النفوس ، التي أخرجت بعض من أخذ عليه الميثاق أو أكثره عن الوفاء بما عاهد عليه الله ، فليس الرجل إلا من صدق مع الله في الوفاء بما أخذ عليه ، والصدق سيف الله في الأرض ، ما قام بأحد ولا اتصف به إلا نصره الله ، لأن الصدق نعته ، والصادق اسمه ، فقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) أي من وفى بعهده ، وهو العهد الخالص في أخذ الميثاق ، فإن النحب العهد (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) لأن العبد ما دام في الحياة الدنيا لا يأمن التبديل ، فإن الله يفعل ما يريد ، فلا يأمن مكر الله لعلمه بالله (وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) فلله رجال بهذه المثابة جعلنا الله منهم ، فما أعظم بشارتها من آية ، ولا بلغ إلينا تعيين أحد من أهل هذه الصفة إلا طلحة بن عبيد الله من العشرة ، صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [هذا ممن قضى نحبه] وهو في الحياة الدنيا فأمن من التبديل.
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٢٤)
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) بعد أن يسأل الصادقين عن صدقهم ، فإذا ثبت لهم جازاهم به ، وجزاؤهم به هو صدق الله فيما وعدهم به ، فجزاء الصدق الصدق الإلهي ، وجزاء ما صدق فيه من العمل والقول بحسب ما يعطيه ذلك العمل أو القول ، فهذا معنى الجزاء.
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (٢٦)