وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣)
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) روي أن بعض الصالحين لم يكن له شيء من الدنيا ، فتزوج فجاءه ولد وما أصبح عنده شيء فأخذ الولد وخرج ينادي به : هذا جزاء من عصى الله ، فقيل له : زنيت؟ قال : لا إنما سمعت الله يقول في كتابه العزيز : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فعصيت أمر الله وتزوجت وأنا لا أجد نكاحا فافتضحت ، فرجع إلى منزله بخير كثير.
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤) اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥)
ـ الوجه الأول ـ (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا نقول فيه كما قال المفسرون معناه منور أو هاد ، فذلك له اسم خاص وهو الهادي الذي هداهم لإباية حمل الأمانة ، وإلى الإتيان بالطاعة لأمره ، وأما هنا فما قال : إلا أنه نور السموات والأرض ، والنور النفور ، ويؤيد ذلك التشبيه بالمصباح على الوصف الخاص ، فإن مثل هذا النور المصباحي ينفر ظلمة الليل ، بل هو عين نفور ظلمة الليل مع بقاء الليل ليلا ، فإنه ليس من شرط وجود الليل وجود الظلمة ، وإنما عين الليل غروب الشمس إلى حين طلوعها سواء أعقب المحل نور آخر سوى نور الشمس أو ظلمة ، فقد يكون الليل ولا ظلمة كما أنه قد يكون النهار ولا ضوء ، فإن النهار ليس إلا زمان طلوع الشمس إلى غروبها وإن طلعت مكسوفة فلا يزول الحكم عن كون النهار موجودا ، ولما فصل الحق إضافة النور إلى السموات وهو ما غاب من القوى