ليست غيره ، ولكن هكذا تقع العبارة عنها لما يعقل في ذلك من اختلاف النسب ، خرّج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا] ومعنى ذلك الحديث أن الملك الآخر الذي يقول : اللهم أعط ممسكا تلفا ، أي ما (١) أعطيت المنفق حتى يتلف ماله مثل صاحبه ، فكأنه يقول : اللهم ارزق الممسك الإنفاق حتى ينفق ، فإن كنت لم تقدّر في سابق علمك أن ينفقه باختياره ، فاتلف ماله حتى تأجره فيه أجر المصاب فيصيب خيرا ، فإن الملائكة لسان خير ، فلا تدعو الملائكة بالشر على المؤمنين ، فهو دعاء خير بكل وجه ـ الوجه الثاني ـ (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) إن أنفق ليبتني مجدا في ألسنة الخلق فهو لما أنفق.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥) قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا
__________________
(١) ما : هنا اسم موصول أي الذي.