سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) (١٩)
الأنبياء وإن كانوا صالحين في نفس الأمر عند الله ، فهم بين سائل في الصلاح ، مثل سليمان عليهالسلام ، ومشهود له به من الحق بشرى من الله ، مثل يحيى وعيسى وإبراهيم ومحمد عليهمالسلام ، فإن الاسم الصالح من خصائص العبودية ـ إشارة ـ (فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها) الضعيف الذي ليس له قوة مقاومتك ، لا ترهب عليه.
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢١)
ـ إشارة ـ لا تعمل إلا عن بينة من ربك كما فعل سليمان ، وقد كان الحق مع الهدهد ، فلو عذبه قبل البينة لظلمه ، فلا تعجل أبدا بصفات القهر منك حتى يتبين لك موطنها ، وأما صفات الرحمة فأطلقها ولا تقيدها.
(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (٢٢) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) (٢٣)
المرأة هي بلقيس ، قيل : هي متولدة بين الجن والإنس ، فإن أمها من الإنس وأباها من الجن ، ولو كان أبوها من الإنس وأمها من الجن لكانت ولادتها عندهم ، وكانت تغلب عليها الروحانية ، ولهذا ظهرت بلقيس عندنا (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) فهو سرير ملكها وهو لها عظيم.