فإنه لا يعطي في الدلالة ما يعطى الاسم الله ، لوجود الاشتراك في جميع الأسماء كلها ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول الله الله] وهو الذكر الأكبر الذي قال الله فيه : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) فما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من يقول لا إله إلا الله ؛ هذا إذا أخذنا أكبر بطريق أفعل من كذا ـ راجع الذكر بالاسم المفرد سورة الأحزاب آية ٤١ ـ فإن لم تأخذها على أفعل من كذا فيكون إخبارا عن كبر الذكر من غير مفاضلة بأي اسم ذكر ، وهو أولى بالجناب الإلهي ، وإن كانت الوجوه كلها مقصودة في قوله تعالى (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) فإنه كل وجه تحتمله كل آية من كلام الله من فرقان وتوراة وزبور وإنجيل وصحيفة عند كل عارف بذلك اللسان ، فإنه مقصود لله تعالى في حق ذلك المتأول لعلمه الإحاطي سبحانه بجميع الوجوه ـ الوجه الرابع ـ (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) ذكر الله هو القرآن ، فاذكره بالقرآن لا تكبره بتكبيرك ، إذ قد أمرك أن تكبره فقال : (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) فإذا كبرت ربك فكبره كما كبر نفسه ولا تحكم على ربك بعقلك ـ مسألة ـ التكبير في الصلاة بلفظ (اللهِ أَكْبَرُ) اختلف علماء الشريعة في صفة لفظة التكبير في الصلاة ، فمن قائل لا يجزىء إلا لفظة الله أكبر ، ومن قائل يجزيء بغير الصيغة مثل الكبير ، ومن قائل يجوز التكبير على المعنى كالأجل والأعظم ، واتباع السنة أولى ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [صلوا كما رأيتموني أصلي] وما نقل إلينا قط إلا هذا اللفظ (اللهِ أَكْبَرُ) تواترا ، فلا نتحكم بسياق لفظ آخر ، فإنه لا بد لمن يعدل عنه أن يحرم فائدة ذلك الاختصاص ، ويتصف بالمخالفة بلا شك ، يقول العبد (اللهِ أَكْبَرُ) في تكبيرة الإحرام لما خصص حالا من الأحوال سماها صلاة ، فهو يقول : الله أكبر أن يقيد ربي حال من الأحوال ، بل الأحوال كلها بيده لم يخرج عنه حال من الأحوال ، فكبره عن مثل هذا الحكم ، وهو كبرياء لا يشاركه فيه كون من الأكوان ، ولذلك جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببنية المفاضلة ، لأن المشركين نسبوا الألوهة لغير الله تعالى ، ونسبتها إلى الله عندهم أتم وأعظم باعترافهم ، فالمفاضلة في الأسماء الإلهية إنما هي في المناسبة لا في الأعيان ، لا أن الحجارة أفضل ، ولا ما نحتوه ، ولا ما نسبوا إليه الألوهية من كوكب وغيره ، لأنه لا مفاضلة في الأعيان ، لأنه ليس بين العبد والسيد ، ولا الرب والمربوب ، ولا الخالق والمخلوق مفاضلة.