(ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (١٠)
يقول تعالى في الحديث القدسي : «إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» ، فما نرى من الحق إلا ما نحن عليه ، فمن شاء فليعمل ومن شاء لا يعمل ، فإنه لا يرجع إلى الإنسان إلا ما خرج منه ، فاجهد أن لا يخرج عنك إلا ما تحمد رجوعه إليك ، فهذه كلمة نبوية حق كلها فإن العمل ما يعود إلا على عامله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تكونوا ممن خدعته العاجلة وغرته الأمنية واستهوته الخدعة ، فركن إلى دار سريعة الزوال وشيكة الانتقال ، إنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى إلا كإناخة راكب أو صر حالب ، فعلام تعرجون ، وما ذا تنتظرون ، فكأنكم والله بما قد أصبحتم فيه من الدنيا كأن لم يكن ، وما تصيرون إليه من الآخرة كأن لم يزل ، فخذوا الأهبة لأزوف النقلة ، وأعدوا الزاد لقرب الرحلة ، واعلموا أن كل امرىء على ما قدّم قادم ، وعلى ما خلّف نادم.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ