(وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٢١٧) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) (٢١٨)
فيعلم حركاتك وسكناتك على التعيين والتفصيل ، وعم جميع أحوالك بقوله تعالى :
(وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) (٢١٩)
إشارة منه تعالى إلى تنوع الحالات عليه صلىاللهعليهوسلم في حال السجود ، من غير رفع يتخلل ذلك ، ولقد رفع وقام وركع ، وثنّى السجود ، ولم يثن حالة من حالات صلاته إلا السجود ، لشرفه في حق العبد ، فأكد بالتثنية في كل ركعة فرضا واجبا ، وركنا لا ينجبر إلا بالإتيان به. ـ إشارة ـ القلب إذا سجد لا يرفع أبدا ، لأن سجوده للأسماء الإلهية لا للذات ، فإنها هي التي جعلته قلبا ، فهي تقلبه من حال إلى حال دنيا وآخرة ، فلهذا سمته قلبا ، فإذا تجلى له الحق مقلبا ، فيرى أنه في قبضة مقلبه ، وهو الأسماء الإلهية التي لا ينفك مخلوق عنها ، فهي المتحكمة في الخلائق ، فمن مشاهد لها ـ وهو الذي سجد قلبه ـ ومن غير مشاهد لها ، فلا يسجد قلبه ، وهو المدعي الذي يقول : أنا ؛ وعلى من هذا صفته يتوجه الحساب والسؤال يوم القيامة والعقاب إن عوقب ، ومن سجد قلبه فلا دعوى له ، فلا حساب ولا سؤال ولا عقاب ، فلا صفة أشرف من صفة العلم ، فإنه المعطي السعادة في الدارين ، والراحة في المنزلتين. فإذا سجد القلب لم يرفع ، لأنه سجد لربه ، وقبلته ربه ، وربه لا يزول ، ولا ترتفع عن الوجود ربوبيته ، فالقلب لا يرفع رأسه من سجوده أبدا ، لأن قبلته لا ترتفع. اللهم اجعلنا ممن سجد قلبه وعرف ربه.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٢٢٠) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢٢٤)