ما قال أو زاد على ما قال] أخرجه الترمذي وقال حديث حسن غريب ، وهو قوله عزوجل (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها) فأمرنا بالتسبيح آناء الليل وأطراف النهار ، وما تعرض لذكر النهار في هذا الحكم لأنه قال (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) أي فراغا ، فالنهار لك والليل وأطراف النهار له ، فإذا كنت له في الليل وأطراف النهار كان لك هو في النهار ، فعطايا الليل وأطراف النهار جزاء التسبيح ، وعطايا النهار جزاء الاشتغال والفراغ إلى الحق في آناء الليل وأطراف النهار.
(وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (١٣١)
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) ليس هذا قوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) فإن الغض له حكم آخر ، لأنه نقص مما تمتد العين إليه ، والنقص هنا أن لا يمد إلى أمر خاص ، أي إلى مرئي خاص ، فعلم ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فزاد علما إلى علمه ، (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) وقد جعل الله النساء زهرة حيث كن ، فإذا كن في الدنيا كن زهرة الحياة الدنيا ، فوقع النعيم بهن حيث كن ، وأحكام الأماكن تختلف ، فهن وإن خلقن للنعيم في الدنيا فهن فتنة (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) يستخرج الحق بهن ما خفي عنا فينا مما هو به عالم ولا نعلمه من نفوسنا ، فيقوم به الحجة لنا وعلينا ، وما فتنهم الحق إلا بما سماه زهرة لهم ، لما كانت الزهرة دليلة على الثمرة ومتنزها للبصر ومعطية الرائحة الطيبة ، فإذا لم يدرك صاحب هذه الزهرة رائحتها ولا شهدها زهرة وإنما شهدها امرأة ولا علم دلالتها التي سيقت له على الخصوص وزوجت به ، وتنعم بها ونال منها ما نال بحيوانيته لا بروحه وعقله ، فلا فرق بينه وبين سائر الحيوان ، بل الحيوان خير منه ، لأن كل حيوان مشاهد لفصله المقوم له ، وهذا الشخص ما وقف مع فصله المقوّم له :
كل شخص زوجه من نفسه |
|
ولهذا زوجه من جنسه |
فهو كل وهي جزء فلذا |
|
كثرت أزواجه من نفسه |
(وَرِزْقُ رَبِّكَ) ما أعطاك مما أنت عليه في وقتك ، وما لم يعطك وهو لا بد لك فلا بد من