١٣ ـ وأن يعلم : أن أول ما فرض الله عزوجل على جميع العباد. النظر في آياته ، والاعتبار بمقدوراته ، والاستدلال عليه بآثار قدرته وشواهد ربوبيته ؛ لأنه سبحانه غير معلوم باضطرار ، ولا مشاهد بالحواس ، وإنما يعلم وجوده وكونه على ما تقتضيه أفعاله بالأدلة القاهرة ، والبراهين الباهرة.
والثاني : من فرائض الله عزوجل على جميع العباد ؛ الإيمان به والإقرار بكتبه ورسله ، وما جاء من عنده ، والتصديق بجميع ذلك بالقلب والإقرار به باللسان.
١٤ ـ وأن يعلم : أن الإيمان بالله عزوجل هو : التصديق بالقلب ، بأن الله الواحد ، الفرد ، الصمد ، القديم ، الخالق ، العليم ، الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشّورى : ١١].
والدليل على أن الإيمان هو الإقرار بالقلب والتصديق ؛ قوله عزوجل : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف : ١٧] يريد بمصدق لنا. ومنه قوله عزوجل : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) [غافر : ١٢] أي تصدقوا. ويقال فلان يؤمن بالله وبالبعث ؛ أي يصدق بذلك. وكذلك قولهم : فلان يؤمن بالشفاعة والقدر ، وفلان لا يؤمن بذلك ، يعني به التصديق ، وينفي الإيمان به التكذيب. وقد اتفق أهل اللغة قبل نزول القرآن وبعث الرسول عليهالسلام على أن الإيمان في اللغة هو التصديق دون سائر أفعال الجوارح والقلوب.
والإيمان بالله تعالى يتضمن التوحيد له سبحانه ، والوصف له بصفاته ، ونفي النقائص عنه الدالة على حدوث من جازت عليه.
والتوحيد له هو : الإقرار بأنه ثابت موجود ، وإله واحد فرد معبود ليس كمثله شيء ؛ على ما قرر به قوله تعالى : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣)) [البقرة : ١٦٣] وقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشّورى : ١١].
وأنه الأول قبل جميع المحدثات. الباقي بعد المخلوقات ، على ما أخبر به تعالى من قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)) [الحديد : ٣] والعالم الذي لا يخفى عليه شيء والقادر على اختراع كل مصنوع ، وإبداع كل جنس مفعول ، على ما أخبر به في قوله تعالى : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الأنعام : ١٠٢](وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [المائدة : ١٢٠].
وأنه الحيّ الذي يموت ، والدائم الذي لا يزول ، وأنه إله كل مخلوق ، ومبدعه ومنشئه ، ومخترعه ، وأنه لم يزل [مسميا] لنفسه [بأ] سمائه ، وواصفا لها بصفاته ، قبل