ابن مريم سينزل» ، وساق بسنده حديث النزول هناك ، وهكذا يقول أيضا في ٧ : ٣٩١ فيهون أمر خلافه ، وإن كان واهن المدرك.
وإنما الخلاف الخطر هو نفي نزوله عليهالسلام ، وقد سبق منا بيان وجوه دلالة الكتاب على الرفع والنزول ، مع نقل نصوص الحفاظ على تواتر حديث النزول ، والإجماع على الاعتقاد بنزوله.
وممن قال ذلك الحافظ عبد الحق بن عطية الأندلسيّ وأبو حيّان الحافظ في تفسيريهما ، وفي «البحر المحيط» ٢ : ٤٧٣ : «قال ابن عطية وأجمعت الأمّة على ما تضمّنه الحديث المتواتر ، من أنّ عيسى في السماء حيّ ، وأنه ينزل في آخر الزمان» ، وفي «النهر المادّ من البحر» ٢ : ٤٧٣ بالهامش : «وأجمعت الأمّة على أنّ عيسى عليهالسلام حيّ في السماء ، وسينزل إلى الأرض ، إلى آخر الحديث الذي صحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك» ، وفي «البحر» أيضا ٣ : ٣٩١ «(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) [النّساء : ١٥٨] هذا إبطال لما ادّعوه من قتله وصلبه وهو حيّ في السماء الثانية ، على ما صحّ عن الرسول صلىاللهعليهوسلم في حديث المعراج ، وهو هنالك مقيم حتى ينزله الله إلى الأرض».
ومن خلقه الله من غير أب إذا عاش في السماء عيشة الملائكة بدون حاجة إلى الأغذية بإذن الله سبحانه إلى اليوم الموعود ، ما استبعد ذلك مؤمن لا يكون في قلبه دغل.
وقد ذكر الذهبي في «تجريد أسماء الصحابة» عيسى عليهالسلام في عداد الصحابة ، حيث رآه ليلة المعراج وهو حيّ ، وهكذا فعل ابن حجر أيضا في «الإصابة» ولا يخدش في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في أنّ الإسراء كان مناما ، فإنه إنما رواه محمد بن إسحاق عن بعض آل أبي بكر رضي الله عنه بدون سند ، وبالرواية عن مجهول بدون سند ، لا يثبت شيء عن عائشة ولا غيرها.
ومن لغط بأنّ الإسراء كان نوما لهذا الخبر بنى على غير أساس ، وإطباق كتب العقائد من الصدر الأول إلى اليوم على الرفع والنزول ، مما لا يدع مجالا للتشكيك في الإجماع على ذلك ، إلا عند من لا يبالي بالإجماع ولا بالمجمعين.
وليس الإجماع بالموضع الذي يراه فيه كاتب المقال ، بل يقول فيه ابن حزم في «مراتب الإجماع» : «إنّ الإجماع قاعدة من قواعد الملّة الحنيفيّة ، يرجع إليه ، ويفزع نحوه ، ويكفّر من خالفه» ، مع كونه من أشدّ الناس كلاما فيه ، والخلاف في شيء