وبعد أن علمت نصوص كلام السعد ، في شتى المواضع من كتابه المذكور ، تعلم علما باتا أنّ مراده بقوله : «ولا يمتنع حملها على ظواهرها» بعد تقريره لثبوت الأحاديث ، لا يكون إلا بمعنى أنها أمور ممكنة عقلا دلّ السمع على ثبوتها ، فيجب التصديق بها.
ولم يكتف الكاتب بما سبق منه من التحريف الشائن ، حتى خيّر الناس في الإيمان بأحد طرفي النّفي والإثبات ، وهذا هو الجهل بعينه في باب الاعتقاد ـ وإن كان له سابقة في تقرير لزملائه ـ وختم كلامه بأنه تبيّن جليّا مما تقدّم «أنه ليس في الأحاديث التي أوردوها في شأن نزول عيسى آخر الزمان قطعيّة ما ، لا من ناحية ورودها ، ولا من ناحية دلالتها».
هكذا يظنّ بنفسه أنه تمكّن من إبطال كتب السنة من صحاح وسنن ومسانيد وغيرها ، بشطبة قلم ، كما تمكّن في حسبانه أيضا من إلغاء كتب الكلام والتوحيد وما حوته في المسألة من أول عهد إلى اليوم ، وكتب السنة لا تزال بخير ، وكذا كتب التوحيد ما دام للإسلام عرق ينبض ، وإنما الضائع من أضاع نفسه بمناهضة الأمّة ، حتى أصبح مثلا في الآخرين. ولعل فيما ذكرناه في هذا الفصل كفاية في نقض ما في المقال المذكور ، والله سبحانه هو ولي الهداية.