أفعال العباد كما سيجيء البحث في ذلك وكتابته في اللوح المحفوظ والمعصية ليست بأمر الله تعالى ولكن بمشيئته لا بمحبته وبقضائه لا برضاه وبتقديره لا بتوفيقه وبخذلانه وعلمه وكتابته في اللوح المحفوظ.
ونقر بأن الله سبحانه تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة واستقر عليه وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوقين ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ونقر بأن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ووحيه وتنزيله لا هو ولا غيره بل هو صفته على التحقيق مكتوب في المصاحف مقروء ، بالألسنة محفوظ في الصدور غير حال فيها. والحبر والكاغد والكتابة كلها مخلوقة لأنها أفعال العباد وكلام الله تعالى غير مخلوق لأن الكتابة والحروف والكلمات والآيات دلالة القرآن لحاجة العباد إليها وكلام الله تعالى قائم بذاته ومعناه مفهوم بهذه الأشياء فمن قال بأن كلام الله تعالى مخلوق فهو كافر بالله العظيم. والله تعالى معبود لا يزال عما كان وكلامه مقروء ومكتوب ومحفوظ من غير مزايلة عنه.
ونقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم أبو بكر الصديق ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم أجمعين ، لقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢)) [الواقعة : ١٠ ـ ١٢] وكل من كان أسبق فهو أفضل ويحبهم كل مؤمن تقي ويبغضهم كل منافق شقي.
ونقر بأن العبد مع أعماله وإقراره ومعرفته مخلوق فلما كان الفاعل مخلوقا فأفعاله أولى أن تكون مخلوقة وأن الله تعالى خلق الخلق ولم يكن لهم طاقة لأنهم ضعفاء عاجزون والله تعالى خالقهم ورازقهم لقوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) [الرّوم : ٤٠] والكسب حلال وجمع المال من الحلال حلال وجمع المال من الحرام حرام.
والناس على ثلاثة أصناف : المؤمن المخلص في إيمانه ، والكافر الجاحد في كفره ، والمنافق المداهن في نفاقه ، والله تعالى فرض على المؤمن العمل وعلى الكافر الإيمان وعلى المنافق الإخلاص لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ) [النّساء : ١] يعني يا أيها المؤمنون أطيعوا ، ويا أيها الكافرون آمنوا ، ويا أيها المنافقون أخلصوا.
والاستطاعة مع الفعل لا قبل الفعل ولا بعد الفعل لأنه لو كان قبل الفعل لكان العبد مستغنيا عن الله تعالى وقت الحاجة وهذا خلاف حكم النص لقوله تعالى : (وَاللهُ