قال المتعلم رحمهالله : لقد عرفت الذي وصفت أنه كما وصفت ولكن أخبرني من أين يكون هؤلاء جهّالا بالرب لا يعرفونه وهم يقولون الله ربنا؟.
قال العالم رضي الله عنه : قد أعرف الذي يقولون ، إنهم يقولون إن الله ربنا وهم في ذلك لا يعرفونه لقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥)) [لقمان : ٢٥] يقول تعالى : أكثرهم يقول هذا القول بغير علم كالصبي الذي ولدته أمه أعمى فيذكر الليل والنهار والصفرة والحمرة من غير أن يعرف شيئا من ذلك. وكذلك الكفار قد سمعوا اسم الله تعالى من المؤمنين وهم يقولون ما سمعوا من غير أن يعرفوه ، ولذلك قال الله تعالى : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) [النّحل : ٢٢].
قال المتعلم رحمهالله : هو كما وصفت لكن أخبرني عن الرسول أمن قبل الله تعالى عرفته. أو تعرف الله من قبل الرسول. فإن زعمت أنك إنما تعرف الرسول من قبل الله فكيف يكون ذلك؟ والرسول هو الذي يدعوك إلى الله تعالى.
قال العالم رضي الله عنه : نعم نعرف الرسول من الله تعالى لأن الرسول وإن كان يدعو إلى الله تعالى ، ولم يكن أحد يعلم بأن الذي يقول الرسول حق يقذف الله في قلبه التصديق والعلم بالرسول ، ولذلك قال الله عزوجل : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦] ولو كانت معرفة الله من قبل الرسول لكانت المنّة على الناس في معرفة الله من قبل الرسول لا من قبل الله ولكن المنّة من الله على الرسول في معرفة الرب عزوجل والمنّة لله على الناس بما عرفهم الله من التصديق بالرسول بل ينبغي أن نقول إن العبد لا يعرف شيئا من الخير إلا من قبل الله.
قال المتعلم رحمهالله : قد فرجت عني ولكن أخبرني عن تفسير الولاية والبراءة هل يجتمعان في إنسان واحد.
قال العالم رضي الله عنه : الولاية هي الرضا بالعمل الحسن ، والبراءة هي الكراهية على العمل السيئ ، وربما اجتمعا في إنسان واحد ، وربما لم يجتمعا فيه فهو المؤمن الذي يعمل صالحا وسيئا ، وأنت تجامعه وتوافقه على العمل الصالح وتحبه عليه وتخالفه وتفارقه على ما يعمل من السيئ وتكره له ذلك ، فهذا ما سألت عن الولاية والبراءة يجتمعان في إنسان واحد. والذي فيه الكفر ليس فيه شيء من الصالحات ، وأنك تبغضه وتفارقه في جميع ذلك والذي تحبه ولا تكره منه شيئا فهو الرجل المؤمن الذي قد عمل بجميع الصالحات واجتنب القبيح فأنت تحب كل شيء منه ، ولا تكره منه شيئا.