في جنب السماوات السبع والأرضين السبع وما بينهنّ. فكما أن ذنب الإشراك أعظم كذلك أجر الشهادة أعظم ، وقد ذكر الله عزوجل في تعظيم ذنب الإشراك ما لم يذكره في تعظيم شيء من الأعمال السيئة ، فإنه قال : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان : ١٣]. ولم يقل مثل ذلك في شيء من الأعمال السيئة. وقال تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) [الحجّ : ٣١] وقال تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١)) [مريم : ٩٠ ، ٩١] ولم يقل شيئا من هذه الآيات في القتل وما هو دونه.
قال المتعلم : ما تزيدني إلا رغبة في مذاكرتك فجزاك الله عن جميع المؤمنين خيرا ما أحسن قولك ورأيك وسيرتك في محسنهم ومسيئهم! وأعرفك بفضلهم وأرحمك بهم! ولكن أخبرني هل يفضل أهل العدل بعضهم بعضا في قولهم في أهل القبلة؟
قال العالم رضي الله عنه : أما أهل العدل فقولهم في تعظيم حرمات الله واحد غير أن بعضهم أفضل من بعض في العلم والحجج في تعظيم حرمات الله تعالى والدعاء إليه وتحمل المؤنات فيه وشدة الاهتمام بفساد الأمة والبحث عن تعظيم حرماتهم والذب عنهم كمثل عسكر بحضرة العدو ، وقد اجتمعت كلمتهم وأيديهم على عدوهم غير أن بعضهم يفوق بعضا في العلم بالقتال والحروب والمكايدة وبذل السلاح والمال والتحريض للأصحاب على القتال.
قال المتعلم : لعمري ما أعرف من القياس (أوضح من هذا) ولكن أخبرني هل يكون المؤمن إذا ارتكب الكبائر لله عدوا؟.
قال العالم رضي الله عنه : إن المؤمن لا يكون لله عدوا وإن ركب جميع الذنوب بعد أن لا يدع التوحيد. وذلك بأن العدو يبغض عدوه ويتناول عدوه بالمنقصة والمؤمن قد يرتكب العظيم من الذنب. والله مع ذلك أحب إليه مما سواه وذلك أنه لو خيّر بين أن يحرق بالنار أو يفتري على الله من قلبه لكان الإحراق بالنار أحب إليه من ذلك.
قال المتعلم : إن كان الله أحب إليه مما سواه فلم يعصيه؟ وهل يكون أحد يحب أحدا فيعصيه فيما يأمره؟.