__________________
ـ الإشارة إلى ما ينطوي عليه من البدع والأهواء في مواضع من كتابه حيث قال في الكتاب المذكور (١ ـ ١٩٧) : وأما تاريخ شيخنا الذهبي فإنه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب المفرط ، لا آخذه الله فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين ـ أعني الفقراء الذين هم صفوة الخلق ـ واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعيين والحنفيين ومال فأفرط على الأشاعرة ومدح فزاد في المجسمة اه حتى عده لا يعول على تراجمه لهؤلاء ، وقال أيضا في حقه (٢ ـ ٢٤٩) من الكتاب المذكور : وتأتي أنت تتسكع. في ظلم التجسيم الذي تدعي أنك بريء منه وأنت من أعظم الدعاة إليه وتزعم أنك تعرف هذا الفن ـ يعني علم أصول الدين ـ وأنت لا تفهم منه نقيرا ولا قطميرا اه.
حال الذهبي ـ ما له وما عليه
وقال أيضا في ترجمة ابن جرير ناقلا عن الحافظ صلاح الدين العلائي أنه قال عن الذهبي ما نصه : «لا أشك في دينه وورعه وتحرّيه فيما يقوله عن الناس ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه حتى أثّر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا إلى أهل الإثبات فإذا ترجم واحدا منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ويبالغ في وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن ، وإذا أذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالي ونحوهما لا يبالغ في وصفه ويكثر من قول من طعن فيه ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده دينا وهو لا يشعر ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها وكذلك يفعل في أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول في ترجمته والله يصلحه ... ونحو ذلك وسببه المخالفة في العقائد ، انتهى».
قال التاج ابن السبكي عقب ما تقدم ما نصه : «والحال في شيخنا الذهبي أزيد مما وصف وهو شيخنا ومعلمنا غير أن الحق أحق أن يتبع وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر منه وأنا أخشى عليه يوم القيامة عند من لعل أدناه عنده أوجه منه فالله المسئول أن يخفف عنه وأن يلهمهم العفو عنه وأن يشفعهم فيه ، والذي أدركنا عليه المشايخ النهي عن النظر في كلامه وعدم اعتبار قوله ولم يكن يستجري أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه ، وأما قول العلائي عن دينه وورعه وتحرّيه فيما يقوله فقد كنت أعتقد ذلك وأقول عند هذه الأشياء ربما أعتقدها دينا ، ومنها أمور أقطع بأنه يعرف بأنها كذب وأقطع بأنه لا يختلقها وأقطع بأنه يحب وضعها في كتبه لتنشر وأقطع بأنه يحب أن يعتقد سامعها صحتها بغضا للمتحدث فيه وتنفيرا للناس عنه مع قلة معرفته بمدلولات الألفاظ ومع اعتقاده (أن ذلك) مما يوجب نصر العقيدة التي يعتقدها هو حقا ، ومع عدم ممارسته لعلوم الشريعة غير أني لما أكثرت بعد موته النظر في كلامه عند الاحتياج إلى النظر فيه توقفت في تحرّيه فيما يقوله ولا أزيد على هذا غير الإحالة على كلامه» ... إلى آخر ما قاله فليراجع باقي كلامه من أراد المزيد على ما نقلنا.
وقال التاج أيضا في طبقاته وهو يترجم لإمام الحرمين ما نصه : «وقد كان الذهبي لا يدري شرح البرهان ، ولا هذه الصناعة ، ولكنه يسمع خرافات من طلب الحنابلة فيعتقدها حقا