على أنّ ابن عبد السلام له شطحات تسرّبت إليه من مطالعة بعض كتب ابن حزم ، التي أتى بها محيي الدين بن عربي إلى الشام ، فلا تزيد تلك الشطحات على أن تكون وهلة منه ، فلا يصحّ اتخاذها حجّة ، بل نرجو الله سبحانه أن يسامحه عليها.
وأما ابن حزم فعلى بعض ميل منه إلى رأي الجاحظ في المسألة ، يرى إكفار المعاند بعد إقامة الحجة عليه ولو بخبر الآحاد ، فلا يلقى صاحب المقال بغيته عنده بل عند العنبري فقط ، وقد أقيمت الحجة بتوفيق الله وتسديده على كاتب المقال ، من كتاب الله وسنّة رسوله المتواترة وإجماع أهل الحق.
وسبق أن أشرنا إلى أن الاحتمالات غير الناشئة من الدليل لا تخلّ بكون دلالة النصوص قطعية ، وذكرنا بعض ما ألّف في إثبات تواتر حديث النزول ، ونقلنا بعض نصوص أصحاب الشأن في تواتره وفي الإجماع على نزوله ، والمعاند بعد هذا يكون في موقف أخطر من التأثيم فقط ، ولذا صرّح السيوطيّ بتكفير منكر النزول في «الإعلام» المطبوع في ضمن «الحاوي» له ٢ : ١٦٦٠ ، وهو على القاعدة في إنكار ما تواتر في الشرع.
وليس أئمة هذه الأمة وعلماؤها من الصدر الأول إلى اليوم ، يجهلون معنى «العقيدة» ، وهم قد دوّنوا مسألة النزول في كتبهم في العقائد على توالي القرون ، قبل أن يخلق صاحب «الجوهرة» وصاحب «الخريدة» بدهور ، رغم أنف كلّ مكابر.
على أنّ مسألة نزول عيسى عليهالسلام ليست من المسائل التي جرّت إليها المناقشات مثل الاستطاعة ، وخلق القرآن ، وزيادة الصفات ، بل هي ثابتة بنصوص الشرع مباشرة ، فلا يمكن لمن يدين بالكتاب والسنة والإجماع أن ينكرها ، فيكون لفّ الكاتب ودورانه واستقعاده لقواعد وصنوف مغالطاته إطالة للكلام بدون جدوى غير انكشاف حاله كلّ الانكشاف عند الجميع.
وحديثنا عن بضع تشكيكاته في الآيات يكون في فصل مفرد إن شاء الله تعالى ، وليس جهل الكاتب لدليل المسائل مما يوجب أن يجهله العالمون ، وتبجّحه بفهم معنى «العقيدة» لا يكسبه فخرا بعد أن جهل الدليل ، وجهل حصول العقد الجازم بالبرهان مرة ، وبالأدلة الإقناعية ، أو خبر الآحاد أو التقليد مرة أخرى.
قال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في «شرح أصول فخر الإسلام البزدوي» : «اعتقاد القلب فضّل على العلم ، لأنّ العلم قد يكون بدون عقد القلب ،