كعلم أهل الكتاب بحقّيّة النبيّ عليهالسلام مع عدم اعتقادهم حقيّته ... ، والعقد قد يكون بدون العلم أيضا ، كاعتقاد المقلّد ، وإذا كان كذلك جاز أن يكون خبر الواحد موجبا للاعتقاد الذي هو عمل القلب ، وإن لم يكن موجبا للعلم.
قال أبو اليسر : الأخبار الواردة في أحكام الآخرة من باب العمل ، فإنّ العمل نوعان : عمل الجوارح ، واعتقاد القلب ، فالعمل بالجوارح إن تعذّر لم يتعذّر العمل ... العمل بالقلب اعتقادا» اه وذلك عند شرحه لقول فخر الإسلام : «وفيه ضرب من العمل أيضا وهو عقد القلب عليه ، إذ العقد فضّل عليه».
فظهر أنّ خبر الآحاد الصحيح قد يفيد اعتقادا جازما في أناس ، ولا يفيد البرهان العلميّ اعتقادا في آخرين ، فواحد يعتقد اعتقادا جازما بنزول عيسى عليهالسلام ، بمجرّد أن سمع حديثا واحدا في ذلك من صحيح البخاري مثلا ، وآخر لا يعتقد ذلك ولو أسمعته سبعين حديثا ، وثلاثين أثرا من الصّحاح والسّنن والمسانيد والجوامع وسائر المدوّنات في الحديث ، مما يحصل التواتر بأقلّ منها بكثير ، فالناجي هو ذاك الواحد دون الآخر. ووجه الفرق بين الأنبياء والعلماء والعامّة من ناحية الجزم الحاصل لهم ، وطريق حصول الجزم لكل منهم : مشروحان في «تأنيب الخطيب» ، فليراجع هناك.