وكل حي (١) فعال إلا إذا عرضت آفة أو قسر ، أولست تسمع قول كل موحد (يا دائم المعروف قديم الإحسان) أوليس فعل الرب تابع وصفه وكماله؟ أفذاك ذو حدثان؟ وكماله سبب الفعال وخلقه أفعالهم سبب الكمال الثاني ، أوما فعال الرب عين كماله؟ أفذاك ممتنع على المنان أزلا إلى أن صار فيما لم يزل ممكنا؟ تالله قد ضلّت عقول القوم إذ قالوا بهذا ، وتخلف التأثير بعد تمام موجبه محال والله ربي لم يزل ذا قدرة ومشيئة وعلم وحياة وبهذه الأوصاف تمام الفعل فلأي شيء تأخر فعله مع موجب (٢) قد تم والله عاب على المشركين عبادتهم ما ليس بخالق ولا ينطق ، والله إله حق دائما ، أفعنه الوصفان (٣) مسلوبان أزلا ، هذا المحال إن كان رب العرش لم يزل إله الخلق ، فكذا لم يزل متكلما فاعلا ـ والله ـ ما في العقل ما يقضي لذا بالرد بل ليس في المعقول غير ثبوته ، وما دون المهيمن حادث ليس القديم سواه والله سابق كل شيء ما ربنا والخلق مقترنان والله كان وليس شيء (٤) غيره لسنا نقول كما يقول
__________________
الرد على عثمان بن سعيد في إثباته الحركة
(١) ليست حياة الله كحياة العباد ولا فعله تعالى كأفعالهم ، وإدخال الله سبحانه في مثل هذه الكلية لا يصدر إلا ممن هو مريض القلب بمرض التشبيه ، وعثمان بن سعيد هذا يصرح في نقضه المنقوض بأن كل حي فعّال متحرك ويثبت لله الحركة ويظهر من ذلك كيف يتصور فعل الله ، والناظم يقتدي بمثل هذا المحذوف ، ولعل القارئ ازداد بصيرة وعلم من هذا الكلام بأن الحوادث لا أول لها في نظر هذا الناظم لأن حياة الله لا أول لها فيكون فعله لا أول له ، وهذه المسألة من المسائل التي كفّر علماء الإسلام الفلاسفة بها فليعرفه المغرورون بابن القيم ثم ليعرفوه.
الرد على قول الناظم بالإيجاب
(٢) وهذا تصريح منه بأن الله سبحانه فاعل بالإيجاب انخداعا منه بقول الفلاسفة القائلين بقدم العالم وقد أتى أهل الحق بنيانهم من القواعد ، وإن كان الناظم المسكين بعيدا عن فهم أقوال هؤلاء وأقوال هؤلاء. ثم يناقض الناظم نفسه ويثبت لله الاختيار وهو في الحالتين غير شاعر بما يقول ، تعالى الله عما يقول. وأرجو أن يفهم القارئ هنا معنى لا بد من اعتقاده وهو أن القائل بأن الله فاعل بالإيجاب في ناحية ودين الإسلام كله في ناحية ، وأي مسلم يستطيع أن يقول إن ربنا مرغم على فعل ما يفعله.
(٣) ليس منذ خلق الخلق استفاد اسم الخالق ولا بإحداثه البرية استفاد اسم الباري له معنى الربوبية ولا مربوب ومعنى الخالق ولا مخلوق وهكذا كما نقله الطحاوي عن فقهاء الملة لكن أين للمجسم المسكين أن يفهم هذه الحقائق.
(٤) والمسلمون جميعهم يعتقدون أن حياة الله لا افتتاح لها ، وقد تقدم للناظم أنه يقول : إن كل حي فعال وإن الحياة والفعل متلازمان. ومعنى هذا أن الفعل لا افتتاح له أيضا فإذن كيف يتفق قوله هذا السابق مع قوله هنا : «كان الله وليس شيء غيره» فليعرف ذلك أهل الغرور بابن القيم ثم ليعرفوه.