كلام متهافت يدفع آخره أوله وأوله آخره ، وفي كلامهم (ننزهه غير أننا لا ننفي عنه حقيقة النزول) وهذا كلام من لا يعقل ما يقول ومثل قول بعضهم المفهوم من قوله : «هو الله الحي القيوم» في حقه هو المفهوم في حقنا إلا أنه ليس كمثله شيء فانظر أرشدك الله كيف حكم بالتشبيه المساوي ثم عقبه بهذا التناقض الصريح وهذا لا يرضى أن يقوله من له أدنى روية ولهم من مثل هذه التناقضات ما لا يحصى ومن التناقض الواضح في دعواهم في قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)) [طه : ٥] أنه مستقر على العرش مع قولهم في قوله تعالى : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الملك : ١٦] أن من قال إنه ليس في السماء فهو كافر ومن المحال أن يكون الشيء الواحد في حيزين في آن واحد وفي زمن واحد ومن المعلوم أن في للظرفية ويلزم أنه سبحانه وتعالى مظروف تعالى عن ذلك.
وفي البخاري من حديث أنس أنه عليه الصلاة والسلام رأى نخامة في القبلة فشقّ ذلك عليه حتى رئي في وجهه فقام فحكها بيده فقال : «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة» وفيه من حديث ابن عمر رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام رأى نخامة في جدار القبلة فحكها ثم أقبل على الناس فقال : «إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلّى».
وفي صحيح مسلم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام رأى نخامة في القبلة فقال : «ما بال أحدكم يستقبل ربه فيتنخع أمامه أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه».
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : «يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم» وفي رواية «والذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وفي الصحيح «أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني» وحديث المريض «أما لو عدته لوجدتني عنده».
وقال تعالى : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) [مريم : ٥٢] وقال تعالى : (نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٣٠)) [القصص : ٣٠] وقال تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) [البقرة : ١١٥].