تنزيهه سبحانه وتعالى وكان الإمام أحمد رضي الله عنه يقول : أمروا الأحاديث كما جاءت وعلى ما قال جرى كبار أصحابه كإبراهيم الحربي وأبي داود والأثرم ومن كبار أتباعه أبو الحسين المنادي وكان من المحققين وكذلك أبو الحسن التميمي وأبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب وغيرهم من أساطين الأئمة في مذهب الإمام أحمد وجروا على ما قاله في حالة العافية وفي حالة الابتلاء فقال تحت السياط فكيف أقول ما لم يقل وقال في آية الاستواء هو كما أراد فمن قال عنه إنه قال في الاستواء إنه من صفات الذات أو صفات الفعل أو أنه قال إن ظاهره مراد فقد افترى عليه وحسيبه الله تعالى فيما نسب إليه مما فيه إلحاقه عزوجل بخلقه الذي هو كفر صراح لمخالفته كلامه فيما نزّه نفسه به سبحانه وتعالى عما يقولون.
ومنهم ابن حامد والقاضي تلميذه وابن الزاغوني وهؤلاء ممن ينتمي إلى الإمام ويتبعهم على ذلك الجهلة بالإمام أحمد وبما هو معتمده مما ذكرت بعضه وبالغوا في الافتراء إما لجهلهم وإما لضغينة في قلوبهم كالمغيرة بن سعيد وأبي محمد الكرامي لأنهم أفراخ السامرة في التشبيه ويهود في التجسيم وحرف المغيرة ومعه خمسة من أتباعه كما أذكره من بعد.
قال ابن حامد في قوله تعالى : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ) [الرّحمن : ٢٧] وفي قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص : ٨٨] نثبت لله وجها ولا نثبت له رأسا.
وقال غيره : يموت إلا وجهه ، وذكروا أشياء يقشعر الجسد من ذكر بعضها.
قال أبو الفرج بن الجوزي : رأيت من تكلم من أصحابنا في الأصول بما لا يصلح وانتدب للتصنيف وهم ثلاثة : ابن حامد وصاحبه القاضي وابن الزاغوني صنفوا كتبا شانوا بها المذهب وقد رأيتهم نزلوا إلى مرتبة فحملوا الصفات على مقتضى الحس فسمعوا أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته فأثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات وعينين وفما ولهوات وأضراسا ويدين وأصابع وكفا وخنصرا وإبهاما وصدرا وفخذا وساقين ورجلين وقالوا : ما سمعنا بذكر الرأس وقالوا : يجوز أن يمس ويمس ويدني العبد من ذاته. وقال بعضهم ويتنفس ثم إنهم يرضون العوام بقولهم لا كما يعقل وقد أخذوا بالظواهر في الأسماء والإضافات فسموا الصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله سبحانه وتعالى ولا إلى إلغاء ما توجبه الظواهر من سمات الحدث ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات ثم لما أثبتوا أنها