خزعبلات منهم وتمويه وقد انكشف أمرهم حتى لبعض العوام وبهذه الأحرف يظهر الأمر إن شاء الله تعالى لكل أحد إلا لمن أراد عزوجل إضلاله وإبقاءه في العذاب السرمد. ومن قال بنفي ذلك أي بنفي خلود العذاب وسرمديته وهو ابن تيمية وأتباعه فقد تجرأ على كلام الغفور. قال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦)) [فاطر : ٣٦] وعلى العليم الحكيم في قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٣٧)) [المائدة : ٣٧] والآيات في ذلك كثيرة عموما وخصوصا ومنها قوله تعالى : (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) [الفرقان : ٦٥] والغرام المستمر الذي لا ينقطع فلو انقطع قدر نفس لا يسمى غراما.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر : ٢٢] قال الإمام أحمد معناه جاء أمر ربك.
قال القاضي أبو يعلى : قال الإمام أحمد : المراد به قدرته وأمره وقد بيّنه في قوله تعالى : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النّحل : ٣٣] يشير إلى حمل المطلق على المقيد وهو كثير في القرآن والسنة والإجماع وفي كلام علماء الأمة لأنه لا يجوز عليه الانتقال سبحانه وتعالى.
ومثله حديث النزول وممن صرح بذلك الإمام الأوزاعي والإمام مالك لأن الانتقال والحركة من صفات الحدث والله عزوجل قد نزّه نفسه عن ذلك ومن ذلك قوله تعالى : (اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : ٥٤] فإذا سأل العامي عن ذلك فيقال له الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وسنوضح ذلك إن شاء الله تعالى وإنما أجاب الإمام ربيعة بذلك وتبعه تلميذه مالك لأن الاستواء الذي يفهمه العوام من صفات الحدث وهو سبحانه وتعالى نزّه نفسه عن ذلك بقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشّورى : ١١] فمتى وقع التشبيه ولو بزنة ذرة جاء الكفر بالقرآن.
قال الأئمة : وإنما قيل السؤال بدعة لأن كثيرا ممن ينسب إلى الفقه والعلم لا يدركون الغوامض في غير المتشابه فكيف بالمتشابه فآيات المتشابه وأحاديثه لا يعلمها إلا الله سبحانه والقرآن والسنة طافحان بتنزيهه عزوجل ومن أسمائه القدوس وفي ذلك المبالغة في التنزيه ونفي خيال التشبيه وكذا في قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١)) [الإخلاص : ١] إلخ ، لما فيها من نفي الجنسية والبعضية وغير ذلك مما فيه مبالغة في