بإخراج فرد واحد منه كتخصيص العامّ البدلي بإخراج فرد واحد منه في كونه قصرا لمقدار واحد من الظهور ، مع أنّ هذا لا يزيد على دوران الأمر بين تخصيصين يزيد عدد المخرج من الأفراد في أحدهما على عدده في الآخر ؛ فإنّه لا يقدّم أحدهما على الآخر بعد وحدة التخصيص على كلّ حال.
[المبحث] الثالث :
في تميّز الواجب النفسي عن الغيري. فنقول :
قد مرّ أنّ التكليف هو الإرادة المتعلّقة من المولى بفعل العبد من طريق البعث لا من أيّ طريق كان ، وبذلك يسهل عليك تمييز الواجب النفسي من الغيري ، فكلّ واجب وجب لأجل أن يتوصّل به المكلّف إلى واجب آخر فذاك غيري ، وكلّ واجب وجب لا لأجل التوصّل المذكور فذاك نفسي.
وإن شئت قلت : البعث في الواجب الغيري بعثان : بعث للواجب الغيري وأخر للواجب النفسي ، وفي الواجب النفسي البعث واحد وإن كانت حكمة هذا البعث التوصّل إلى مصلحة ملزمة لكن لم تكن تلك المصلحة الملزمة مبعوثا إليها ، فليس مطلق التوصّل إلى المصلحة الملزمة يجعل الواجب غيريّا ، بل خصوص التوصّل إلى المصلحة الملزمة المبعوث إليها يصيّره غيريّا ؛ لتكون الغاية واجبة بالبعث إليها ويكون هذا واجبا لأجل التوصّل إلى تلك الغاية الواجبة ؛ فلولا البعث إليها لم تكن هي واجبة لكي يكون هذا واجبا للتوصّل به إلى الواجب.
نعم ، هو واجب للتوصّل إلى المصلحة الملزمة. وبهذا يندفع ما أشكل في المقام من أنّ جلّ الواجبات النفسيّة لو لا كلّها تدخل في تعريف الواجب الغيري بناء على تبعيّة الأحكام للمصالح في المتعلّق ؛ فإنّ تلك المصالح واجبة التحصيل البتّة وإلّا لما دعت إلى إيجاب ذيها ، فإذا كانت واجبة التحصيل كان إيجاب ذوات المصالح لأجلها إيجابا غيريّا.
وذلك لما عرفت أن ليس مطلق ما أمر به لأجل التوصّل إلى أمر آخر لازم الحصول واجبا غيريّا ، بل بشرط حصول البعث إلى ذلك الأمر الآخر كي يدخل بالبعث في عداد